[ ص: 338 ] القول في تأويل قوله عز ذكره ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا    ) 
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : إنا أنزلنا التوراة فيها بيان ما سألك هؤلاء اليهود عنه من حكم الزانيين المحصنين 
"ونور " ، يقول : فيها جلاء ما أظلم عليهم ، وضياء ما التبس من الحكم "يحكم " بها النبيون الذين أسلموا " ، يقول : يحكم بحكم التوراة في ذلك ، أي : فيما احتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه من أمر الزانيين"النبيون الذين أسلموا " ، وهم الذين أذعنوا لحكم الله وأقروا به . 
وإنما عنى الله تعالى ذكره بذلك نبينا محمدا  صلى الله عليه وسلم ، في حكمه على الزانيين المحصنين من اليهود بالرجم ، وفي تسويته بين دم قتلى النضير  وقريظة  في القصاص والدية ، ومن قبل محمد  من الأنبياء يحكم بما فيها من حكم الله ، كما : - 
12006 - حدثني محمد بن الحسين  قال ، حدثنا أحمد بن مفضل  قال ، حدثنا أسباط ،  عن  السدي   : " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا   " ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم . 
12007 - حدثنا بشر بن معاذ  قال ، حدثنا  يزيد بن زريع  قال ، حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لما أنزلت هذه الآية : نحن نحكم على اليهود وعلى من سواهم من أهل الأديان  . 
12008 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا معمر ،  عن الزهري ،  قال ، حدثنا رجل من مزينة  ونحن عند  سعيد بن المسيب ،   [ ص: 339 ] عن  أبي هريرة  قال : زنى رجل من اليهود وامرأة ، فقال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى هذا النبي ، فإنه نبي بعث بتخفيف ، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله وقلنا : "فتيا نبي من أنبيائك"!! قال : فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه ، فقالوا : يا أبا القاسم ، ما تقول في رجل وامرأة منهم زنيا؟ فلم يكلمهم كلمة ، حتى أتى بيت مدراسهم ، فقام على الباب فقال : أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ،  ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن؟ قالوا : يحمم ويجبه ويجلد " والتجبيه " ، أن يحمل الزانيان على حمار ، تقابل أقفيتهما ، ويطاف بهما وسكت شاب [ منهم ] ، فلما رآه سكت ، ألظ به النشدة ، فقال : اللهم إذ نشدتنا ، فإنا نجد في التوراة الرجم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فما أول ما ارتخصتم أمر الله؟ قال : زنى رجل ذو قرابة من ملك من ملوكنا ، فأخر عنه الرجم . ثم زنى رجل  [ ص: 340 ] في أسوة من الناس ، فأراد رجمه ، فحال قومه دونه وقالوا : لا ترجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه! فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم . قال النبي صلى الله عليه وسلم : فإني أحكم بما في التوراة! فأمر بهما فرجما قال الزهري   : فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم : "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا " ، فكان النبي منهم  . 
12009 - حدثنا القاسم  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن عكرمة  قوله : " يحكم بها النبيون الذين أسلموا   " ، النبي صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الأنبياء ، يحكمون بما فيها من الحق  .  [ ص: 341 ] 
12010 - حدثنا المثنى  قال ، حدثنا  عمرو بن عون  قال ، أخبرنا هشيم ،  عن عوف ،  عن الحسن  في قوله : " يحكم بها النبيون الذين أسلموا   " ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم"للذين هادوا " ، يعني اليهود ، فاحكم بينهم ولا تخشهم  . 
				
						
						
