القول في تأويل قوله تعالى ( أربعين ليلة   )  
ومعنى ذلك : وإذ واعدنا موسى  أربعين ليلة بتمامها . فالأربعون ليلة كلها داخلة في الميعاد . 
وقد زعم بعض نحويي البصرة  أن معناه : وإذ واعدنا موسى  انقضاء أربعين ليلة ، أي رأس الأربعين ، ومثل ذلك بقوله : ( واسأل القرية   ) [ يوسف : 82 ] وبقولهم : " اليوم أربعون منذ خرج فلان " ، " واليوم يومان " . أي اليوم تمام يومين ، وتمام أربعين . 
قال أبو جعفر   : وذلك خلاف ما جاءت به الرواية عن أهل التأويل ، وخلاف ظاهر التلاوة . فأما ظاهر التلاوة ، فإن الله جل ثناؤه قد أخبر أنه واعد موسى  أربعين ليلة ، فليس لأحد إحالة ظاهر خبره إلى باطن ، بغير برهان دال على صحته . 
 [ ص: 62 ] وأما أهل التأويل فإنهم قالوا في ذلك ما أنا ذاكره ، وهو ما : - 
914 - حدثني به المثنى بن إبراهيم  قال ، حدثنا آدم  قال ، حدثنا أبو جعفر  ، عن الربيع بن أنس  ، عن أبي العالية  قوله : ( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة   ) ، قال : يعني ذا القعدة وعشرا من ذي الحجة . وذلك حين خلف موسى  أصحابه واستخلف عليهم هارون  ، فمكث على الطور  أربعين ليلة ، وأنزل عليه التوراة في الألواح - وكانت الألواح من برد - فقربه الرب إليه نجيا ، وكلمه ، وسمع صريف القلم . وبلغنا أنه لم يحدث حدثا في الأربعين ليلة حتى هبط من الطور . 
915 - وحدثت عن عمار بن الحسن  ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع  ، بنحوه . 
916 - حدثنا ابن حميد  قال ، حدثنا  سلمة بن الفضل  ، عن ابن إسحاق  قال : وعد الله موسى   - حين أهلك فرعون  وقومه ، ونجاه وقومه ثلاثين ليلة ، ثم أتمها بعشر ، فتم ميقات ربه أربعين ليلة ، يلقاه ربه فيها ما شاء . واستخلف موسى  هارون  على بني إسرائيل ، وقال : إني متعجل إلى ربي فاخلفني في قومي ولا تتبع سبيل المفسدين . فخرج موسى  إلى ربه متعجلا للقيه شوقا إليه ، وأقام هارون  في بني إسرائيل ومعه السامري  يسير بهم على أثر موسى  ليلحقهم به  . 
917 - حدثني موسى بن هارون  قال ، حدثنا عمرو بن حماد  قال ، حدثنا  [ ص: 63 ] أسباط  عن  السدي  قال : انطلق موسى  واستخلف هارون  على بني إسرائيل ، وواعدهم ثلاثين ليلة ، وأتمها الله بعشر  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					