القول في تأويل قوله ( إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين    ( 79 ) ) 
قال أبو جعفر   : وهذا خبر من الله - تعالى ذكره - عن خليله إبراهيم  عليه السلام : أنه لما تبين له الحق وعرفه ، شهد شهادة الحق ، وأظهر خلاف قومه أهل الباطل وأهل الشرك بالله ، ولم يأخذه في الله لومة لائم ، ولم يستوحش من قيل الحق والثبات عليه ، مع خلاف جميع قومه لقوله ، وإنكارهم إياه عليه ، وقال لهم : " يا قوم إني بريء مما تشركون   " مع الله الذي خلقني وخلقكم في عبادته من آلهتكم وأصنامكم ، إني وجهت وجهي في عبادتي إلى الذي خلق السماوات والأرض ، الدائم الذي يبقى ولا يفنى ، ويحيي ويميت لا إلى الذي يفنى ولا يبقى ، ويزول ولا يدوم ، ولا يضر ولا ينفع . 
ثم أخبرهم - تعالى ذكره - : أن توجيهه وجهه لعبادته ، بإخلاص العبادة له ، والاستقامة في ذلك لربه على ما يحب من التوحيد ، لا على الوجه الذي يوجه له وجهه من ليس بحنيف ، ولكنه به مشرك ، إذ كان توجيه الوجه على غير التحنف غير نافع موجهه ، بل ضاره ومهلكه " وما أنا من المشركين   "  [ ص: 488 ] ولست منكم ، أي : لست ممن يدين دينكم ، ويتبع ملتكم أيها المشركون . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن زيد  يقول : 
13465 م - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال قال ابن زيد  في قول قوم إبراهيم لإبراهيم   : تركت عبادة هذه ؟ فقال : " إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض   " فقالوا : ما جئت بشيء ! ونحن نعبده ونتوجهه ! فقال : لا ، حنيفا! ! قال : مخلصا ، لا أشركه كما تشركون  . 
				
						
						
