قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) ( ولتصغى إليه ) ، يقول جل ثناؤه : يوحي بعض هؤلاء الشياطين إلى بعض المزين من القول [ ص: 58 ] بالباطل ، ليغروا به المؤمنين من أتباع الأنبياء فيفتنوهم عن دينهم ( ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) ، يقول : ولتميل إليه قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة .
وهو من " صغوت تصغى وتصغو " والتنزيل جاء ب " تصغى " " صغوا ، وصغوا " ، وبعض العرب يقول : " صغيت " ، بالياء ، حكي عن بعض بني أسد : " صغيت إلى حديثه ، فأنا أصغى صغيا " بالياء ، وذلك إذا ملت . يقال : " صغوي معك " ، إذا كان هواك معه وميلك ، مثل قولهم : " ضلعي معك " . ويقال : " أصغيت الإناء " إذا أملته ليجتمع ما فيه ، ومنه قول الشاعر :
ترى السفيه به عن كل محكمة زيغ ، وفيه إلى التشبيه إصغاء
ويقال للقمر إذا مال للغيوب : " صغا " و " أصغى " .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13781 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ولتصغى إليه أفئدة ) ، يقول : تزيغ إليه أفئدة .
13782 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن قال : قال ابن جريج ابن عباس في قوله : ( ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) ، قال : لتميل .
13783 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : [ ص: 59 ] حدثنا أسباط ، عن : ( السدي ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) ، يقول : تميل إليه قلوب الكفار ، ويحبونه ، ويرضون به .
13784 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) ، قال : " ولتصغى " ، وليهووا ذلك وليرضوه . قال : يقول الرجل للمرأة : " صغيت إليها " ، هويتها .