القول في تأويل قوله ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين    ( 156 ) ) 
قال أبو جعفر   : اختلف أهل العربية في العامل في " أن " التي في قوله : ( أن تقولوا ) وفي معنى هذا الكلام . 
فقال بعض نحويي البصرة   : معنى ذلك : " ثم آتينا موسى  الكتاب تماما على الذي أحسن " ، كراهية أن تقولوا : " إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا " . 
وقال بعض نحويي الكوفة   : بل ذلك في موضع نصب بفعل مضمر . قال : ومعنى الكلام : فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون اتقوا أن تقولوا . قال : ومثله يقول الله  [ ص: 240 ]  ( أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون   ) ، [ سورة الحجرات : 2 ] . 
وقال آخرون منهم : هو في موضع نصب . قال : ونصبه من مكانين : أحدهما : أنزلناه لئلا يقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا والآخر من قوله : ( اتقوا ) . قال : ولا يصلح في موضع " أن " كقوله : ( يبين الله لكم أن تضلوا   ) [ سورة النساء : 176 ] . 
قال أبو جعفر   : وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب ، قول من قال : نصب " أن " لتعلقها : بالإنزال ؛ لأن معنى الكلام : وهذا كتاب أنزلناه مبارك لئلا تقولوا : " إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا " . 
فأما الطائفتان اللتان ذكرهما الله ، وأخبر أنه إنما أنزل كتابه على نبيه محمد  لئلا يقول المشركون : " لم ينزل علينا كتاب فنتبعه ، ولم نؤمر ولم ننه ، فليس علينا حجة فيما نأتي ونذر ، إذ لم يأت من الله كتاب ولا رسول " ، وإنما الحجة على الطائفتين اللتين أنزل عليهما الكتاب من قبلنا فإنهما اليهود  والنصارى ،  وكذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
14180 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني معاوية  ، عن علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس  قوله : ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا   ) ، وهم اليهود  والنصارى   .  [ ص: 241 ] 
14181 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد   : ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا   ) ، اليهود  والنصارى  يخاف أن تقوله قريش   . 
14182 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثنا حجاج  ، عن  ابن جريج  عن مجاهد   : ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا   ) ، قال : اليهود  والنصارى   . قال : أن تقول قريش   . 
14183 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  ، عن قتادة   : ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا   ) ، وهم اليهود  والنصارى   . 
14184 - حدثني محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن المفضل  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي   : ( إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا   ) ، أما الطائفتان : فاليهود  والنصارى   . 
وأما ( وإن كنا عن دراستهم لغافلين   ) ، فإنه يعني : أن تقولوا : وقد كنا عن تلاوة الطائفتين الكتاب الذي أنزلت عليهم " غافلين " ، لا ندري ما هي ، ولا نعلم ما يقرءون وما يقولون ، وما أنزل إليهم في كتابهم ؛ لأنهم كانوا أهله دوننا ، ولم نعن به ولم نؤمر بما فيه ، ولا هو بلساننا ، فيتخذوا ذلك حجة . فقطع الله بإنزاله القرآن على نبيه محمد  صلى الله عليه وسلم حجتهم تلك . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
14185 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني  [ ص: 242 ] معاوية  ، عن علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس   : ( وإن كنا عن دراستهم لغافلين   ) ، يقول : وإن كنا عن تلاوتهم لغافلين . 
14186 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  ، عن قتادة   : ( وإن كنا عن دراستهم لغافلين   ) ، أي : عن قراءتهم . 
14187 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : ( وإن كنا عن دراستهم لغافلين   ) ، قال : " الدراسة " ، القراءة والعلم . وقرأ : ( ودرسوا ما فيه ) ، [ سورة الأعراف : 169 ] . قال : علموا ما فيه ، لم يأتوه بجهالة . 
14188 - حدثني محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن المفضل  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي   : ( وإن كنا عن دراستهم لغافلين   ) ، يقول : وإن كنا عن قراءتهم لغافلين ، لا نعلم ما هي . 
				
						
						
