[ ص: 348 ] القول في تأويل قوله ( وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين    ( 20 ) ) 
قال أبو جعفر   : يقول جل ثناؤه : وقال الشيطان لآدم  وزوجته حواء   : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة أن تأكلا ثمرها ، إلا لئلا تكونا ملكين . 
وأسقطت " لا " من الكلام ، لدلالة ما ظهر عليها ، كما أسقطت من قوله : ( يبين الله لكم أن تضلوا   ) ، [ سورة النساء : 176 ] . والمعنى : يبين الله لكم أن لا تضلوا . 
وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة  يزعم أن معنى الكلام : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا كراهة أن تكونا ملكين ، كما يقال : " إياك أن تفعل " كراهية أن تفعل . 
" أو تكونا من الخالدين " ، في الجنة ، الماكثين فيها أبدا ، فلا تموتا . 
والقراءة على فتح " اللام " ، بمعنى : ملكين من الملائكة . 
وروي عن ابن عباس ،  ما : - 
14394 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا إسحاق  قال ، حدثنا ابن أبي حماد  قال ، حدثنا عيسى الأعمى  ، عن  السدي  قال : كان ابن عباس  يقرأ : " إلا أن تكونا ملكين " ، بكسر " اللام " . 
وعن  يحيى بن أبي كثير ،  ما : -  [ ص: 349 ] 
14395 - حدثني أحمد بن يوسف  قال ، حدثني  القاسم بن سلام  قال ، حدثنا حجاج  ، عن هارون  قال ، حدثنا يعلى بن حكيم  ، عن  يحيى بن أبي كثير  أنه قرأها : " ملكين " ، بكسر " اللام " . 
وكأن ابن عباس  ويحيى  وجها تأويل الكلام إلى أن الشيطان قال لهما : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين من الملوك وأنهما تأولا في ذلك قول الله في موضع آخر : ( قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى   ) ، [ سورة طه : 120 ] . 
قال أبو جعفر   : والقراءة التي لا أستجيز القراءة في ذلك بغيرها ، القراءة التي عليها قرأة الأمصار وهي ، فتح " اللام " من : " ملكين " ، بمعنى : ملكين ، من الملائكة ، لما قد تقدم من بياننا في أن كل ما كان مستفيضا في قرأة الإسلام من القراءة ، فهو الصواب الذي لا يجوز خلافه . 
				
						
						
