القول في تأويل قوله ( يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون    ( 35 ) ) 
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره معرفا خلقه ما أعد لحزبه وأهل طاعته والإيمان به وبرسوله ، وما أعد لحزب الشيطان وأوليائه والكافرين به وبرسله : ( يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم   ) ، يقول : إن يجئكم رسلي الذين أرسلهم إليكم بدعائكم إلى طاعتي ، والانتهاء إلى أمري ونهيي " منكم " ، يعني : من أنفسكم ، ومن عشائركم وقبائلكم ( يقصون عليكم آياتي ) ، يقول : يتلون عليكم آيات كتابي ، ويعرفونكم أدلتي وأعلامي على صدق ما جاءوكم به من عندي ، وحقيقة  [ ص: 406 ] ما دعوكم إليه من توحيدي ( فمن اتقى وأصلح   ) ، يقول : فمن آمن منكم بما أتاه به رسلي مما قص عليه من آياتي ، وصدق ، واتقى الله فخافه بالعمل بما أمره به والانتهاء عما نهاه عنه على لسان رسوله ( وأصلح ) ، يقول : وأصلح أعماله التي كان لها مفسدا قبل ذلك من معاصي الله بالتحوب منها ( فلا خوف عليهم ) ، يقول : فلا خوف عليهم يوم القيامة من عقاب الله إذا وردوا عليه ( ولا هم يحزنون ) ، على ما فاتهم من دنياهم التي تركوها ، وشهواتهم التي تجنبوها ، اتباعا منهم لنهي الله عنها ، إذا عاينوا من كرامة الله ما عاينوا هنالك . 
14554 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا إسحاق  قال ، حدثنا هشام أبو عبد الله  قال ، حدثنا هياج  قال ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد  ، عن أبي سيار السلمي  قال ، إن الله جعل آدم  وذريته في كفه فقال : ( يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون   ) ، ثم نظر إلى الرسل فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون   ) ، [ سورة المؤمنون : 51 - 52 ] ، ثم بثهم . 
فإن قال قائل : ما جواب قوله : ( إما يأتينكم رسل منكم   ) ؟  [ ص: 407 ] 
قيل : قد اختلف أهل العربية في ذلك . 
فقال بعضهم في ذلك : الجواب مضمر ، يدل عليه ما ظهر من الكلام ، وذلك قوله : ( فمن اتقى وأصلح   ) . وذلك لأنه حين قال : ( فمن اتقى وأصلح   ) ، كأنه قال : فأطيعوهم . 
وقال آخرون منهم : الجواب : " فمن اتقى " ، لأن معناه : فمن اتقى منكم وأصلح . قال : ويدل على أن ذلك كذلك ، تبعيضه الكلام ، فكان في التبعيض اكتفاء من ذكر " منكم " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					