القول في تأويل قوله ( الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون    ( 51 ) ) 
قال أبو جعفر   : وهذا خبر من الله عن قيل أهل الجنة للكافرين . 
يقول تعالى ذكره : فأجاب أهل الجنة أهل النار : " إن الله حرمهما على الكافرين   " الذين كفروا بالله ورسله ، الذين اتخذوا دينهم الذي أمرهم الله به لهوا ولعبا ، يقول : سخرية ولعبا . 
وروي عن ابن عباس  في ذلك ما : -  [ ص: 475 ] 
14754 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا عبد الله  قال ، حدثني معاوية ،  عن علي ،  عن ابن عباس  في قوله : " الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا   " ، الآية ، قال : وذلك أنهم كانوا إذا دعوا إلى الإيمان سخروا ممن دعاهم إليه وهزئوا به ، اغترارا بالله  . 
" وغرتهم الحياة الدنيا   " ، يقول : وخدعهم عاجل ما هم فيه من العيش والخفض والدعة ، عن الأخذ بنصيبهم من الآخرة ، حتى أتتهم المنية يقول الله جل ثناؤه : " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا   " ، أي ففي هذا اليوم ، وذلك يوم القيامة " ننساهم " ، يقول : نتركهم في العذاب المبين جياعا عطاشا بغير طعام ولا شراب ، كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا ، ورفضوا الاستعداد له بإتعاب أبدانهم في طاعة الله . 
وقد بينا معنى قوله : " ننساهم " ، بشواهده فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
14755 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ،  عن جابر ،  عن مجاهد   : " فاليوم ننساهم " ، قال : نسوا في العذاب . 
14756 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال ، حدثنا محمد بن ثور ،  عن معمر ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   : " فاليوم ننساهم " ، قال : نتركهم كما تركوا لقاء يومهم هذا . 
14757 - حدثني محمد بن عمرو  قال ، حدثنا أبو عاصم  قال ، حدثنا عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  في قول الله : " ننساهم " ، قال : نتركهم في النار .  [ ص: 476 ] 
14758 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح  قال ، حدثني معاوية ،  عن علي ،  عن ابن عباس   : " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا   " ، قال : نتركهم من الرحمة ، كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا . 
14759 - حدثنا محمد بن سعد  قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا   " ، الآية ، يقول : نسيهم الله من الخير ، ولم ينسهم من الشر . 
14760 - حدثني الحارث  قال ، حدثنا عبد العزيز  قال ، حدثنا أبو سعد  قال ، سمعت  مجاهدا  في قوله : " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا   " ، قال : نؤخرهم في النار . 
وأما قوله : " وما كانوا بآياتنا يجحدون   " ، فإن معناه : " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا   " ، وكما كانوا بآياتنا يجحدون . 
ف " ما " التي في قوله : " وما كانوا " معطوفة على " ما " التي في قوله : " كما نسوا " . 
قال أبو جعفر   : وتأويل الكلام : فاليوم نتركهم في العذاب ، كما تركوا العمل في الدنيا للقاء الله يوم القيامة ، وكما كانوا بآيات الله يجحدون وهي حججه التي احتج بها عليهم ، من الأنبياء والرسل والكتب وغير ذلك 
" يجحدون " ، يكذبون ولا يصدقون بشيء من ذلك . 
				
						
						
