القول في تأويل قوله ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون    ( 23 ) ) 
قال أبو جعفر   : اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية ، وفي معناها . 
فقال بعضهم : عني بها المشركون . وقال : معناه : أنهم لو رزقهم الله الفهم لما أنزله على نبيه صلى الله عليه وسلم ، لم يؤمنوا به ، لأن الله قد حكم عليهم أنهم لا يؤمنون . 
* ذكر من قال ذلك : 
15863 - حدثنا القاسم  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني حجاج  قال ، قال  ابن جريج  قوله : ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم   ) ، لقالوا : ( ائت بقرآن غير هذا   ) ، [ سورة يونس : 15 ] ، ولقالوا : ( لولا اجتبيتها   ) [ سورة الأعراف : 203 ] ، ولو جاءهم بقرآن غيره ( لتولوا وهم معرضون   ) . 
15864 - حدثني يونس  قال ، أخبرنا ابن وهب  قال ، قال ابن زيد  في قوله : ( ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون   ) ، قال : لو أسمعهم بعد أن يعلم أن لا خير فيهم ، ما انتفعوا بذلك ، ولتولوا وهم معرضون . 
15865 - وحدثني به مرة أخرى فقال : " لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم   " ، بعد أن يعلم أن لا خير فيهم ، ما نفعهم بعد أن نفذ علمه بأنهم لا ينتفعون به . * * * 
وقال آخرون : بل عني بها المنافقون . قالوا : ومعناه ما : - 
15866 - حدثنا به ابن حميد  قال ، حدثنا سلمة  ، عن ابن إسحاق   : ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم   ) ، لأنفذ لهم قولهم الذي قالوه بألسنتهم ، ولكن  [ ص: 463 ] القلوب خالفت ذلك منهم ، ولو خرجوا معكم لتولوا وهم معرضون ، ما وفوا لكم بشيء مما خرجوا عليه . * * * 
قال أبو جعفر   : وأولى القول في تأويل ذلك بالصواب عندي ما قاله  ابن جريج  وابن زيد ،  لما قد ذكرنا قبل من العلة ، وأن ذلك ليس من صفة المنافقين . * * * 
قال أبو جعفر   : فتأويل الآية إذا : ولو علم الله في هؤلاء القائلين خيرا ، لأسمعهم مواعظ القرآن وعبره ، حتى يعقلوا عن الله عز وجل حججه منه ، ولكنه قد علم أنه لا خير فيهم ، وأنهم ممن كتب لهم الشقاء فهم لا يؤمنون . ولو أفهمهم ذلك حتى يعلموا ويفهموا ، لتولوا عن الله وعن رسوله ، وهم معرضون عن الإيمان بما دلهم على صحته مواعظ الله وعبره وحججه ، معاندون للحق بعد العلم به . * * * 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					