القول في تأويل قوله ( والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير    ) 
قال أبو جعفر    : يعني بقوله تعالى ذكره : ( والذين آمنوا ) . الذين صدقوا بالله ورسوله ( ولم يهاجروا    ) . قومهم الكفار ، ولم يفارقوا دار الكفر إلى دار الإسلام ( ما لكم ) ، أيها المؤمنون بالله ورسوله . المهاجرون  قومهم المشركين وأرض الحرب ( من ولايتهم    ) ، يعني : من نصرتهم وميراثهم .   [ ص: 82 ] 
وقد ذكرت قول بعض من قال : "معنى الولاية ، ههنا الميراث" ، وسأذكر إن شاء الله من حضرني ذكره بعد . 
( من شيء حتى يهاجروا    ) ، قومهم ودورهم من دار الحرب إلى دار الإسلام ( وإن استنصروكم في الدين    ) ، يقول : إن استنصركم هؤلاء الذين آمنوا ولم يهاجروا ( في الدين ) ، يعني : بأنهم من أهل دينكم على أعدائكم وأعدائهم من المشركين ، "فعليكم" ، أيها المؤمنون من المهاجرين  والأنصار ،    ( النصر ) ( إلا ) أن يستنصروكم ( على قوم بينكم وبينهم ميثاق    ) ، يعني : عهد قد وثق به بعضكم على بعض أن لا يحاربه ( والله بما تعملون بصير    ) ، يقول : والله بما تعملون فيما أمركم ونهاكم من ولاية بعضكم بعضا ، أيها المهاجرون  والأنصار  ، وترك ولاية من آمن ولم يهاجر ونصرتكم إياهم عند استنصاركم في الدين ، وغير ذلك من فرائض الله التي فرضها عليكم ( بصير ) ، يراه ويبصره ، فلا يخفى عليه من ذلك ولا من غيره شيء . 
16338 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا محمد بن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة    : ( ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا    ) ، قال : كان المسلمون يتوارثون بالهجرة ، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم ، فكانوا يتوارثون بالإسلام والهجرة . وكان الرجل يسلم ولا يهاجر ، لا يرث أخاه ، فنسخ ذلك قوله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين    )   [ سورة الأحزاب : 6 ] . 
16339 - حدثنا محمد قال : حدثنا محمد بن ثور  ، عن معمر  ، عن الزهري    : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ على رجل دخل في الإسلام فقال :   [ ص: 83 ] تقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتحج البيت ، وتصوم رمضان ، وأنك لا ترى نار مشرك إلا وأنت حرب   . 
16340 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو صالح  قال : حدثني معاوية  ، عن علي  ، عن ابن عباس  قوله : ( وإن استنصروكم في الدين    ) ، يعني : إن استنصركم الأعراب المسلمون ، أيها المهاجرون  والأنصار ،  على عدوهم ، فعليكم أن تنصروهم ، إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق . 
16341 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  ، عن  ابن جريج  قال : قال ابن عباس    : ترك النبي صلى الله عليه وسلم الناس يوم توفي على أربع منازل : مؤمن مهاجر ، والأنصار  ، وأعرابي مؤمن لم يهاجر ، إن استنصره النبي صلى الله عليه وسلم نصره ، وإن تركه فهو إذنه ، وإن استنصر النبي صلى الله عليه وسلم في الدين كان حقا عليه أن ينصره ، فذلك قوله : ( وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر    ) والرابعة : التابعون بإحسان   . 
16342 - حدثت عن الحسين بن الفرج  قال : سمعت أبا معاذ  قال : حدثنا عبيد بن سليمان  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله : ( إن الذين آمنوا وهاجروا    ) ، إلى آخر السورة ، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وترك الناس على أربع منازل : مؤمن مهاجر ، ومسلم أعرابي ، والذين آووا ونصروا ، والتابعون بإحسان   .   [ ص: 84 ] 
				
						
						
