القول في تأويل قوله تعالى : ( وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم   )  
قال أبو جعفر   : قوله : ( وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم   ) في المعنى والإعراب نظير قوله : ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله   ) .  [ ص: 300 ] وأما "سفك الدم " ، فإنه صبه وإراقته . 
فإن قال قائل : وما معنى قوله : ( لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم   ) ؟ وقال : أو كان القوم يقتلون أنفسهم ويخرجونها من ديارها ، فنهوا عن ذلك؟ قيل : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت ، ولكنهم نهوا عن أن يقتل بعضهم بعضا . فكان في قتل الرجل منهم الرجل قتل نفسه ؛ إذ كانت ملتهما [ واحدة ، فهما ] بمنزلة رجل واحد ، كما قال عليه السلام : 
1463  - "إنما المؤمنون في تراحمهم وتعاطفهم بينهم بمنزلة الجسد الواحد ، إذا اشتكى بعضه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " . 
وقد يجوز أن يكون معنى قوله : ( لا تسفكون دماءكم   ) ، أي : لا يقتل الرجل منكم الرجل منكم ، فيقاد به قصاصا ، فيكون بذلك قاتلا نفسه ؛ لأنه كان الذي سبب لنفسه ما استحقت به القتل . فأضيف بذلك إليه قتل ولي المقتول إياه قصاصا بوليه . كما يقال للرجل يركب فعلا من الأفعال يستحق به العقوبة ، فيعاقب العقوبة : "أنت جنيت هذا على نفسك " . 
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
1464 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا  يزيد بن زريع  قال : حدثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله ( وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم   ) ، أي : لا يقتل بعضكم بعضا ، ( ولا تخرجون أنفسكم من دياركم   ) ، ونفسك يا ابن آدم  أهل ملتك . 
 [ ص: 301 ]  1465 - حدثني المثنى  قال : حدثنا آدم  قال : حدثنا أبو جعفر  ، عن الربيع  ، عن أبي العالية  في قوله : ( وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم   ) ، يقول : لا يقتل بعضكم بعضا ، ( ولا تخرجون أنفسكم من دياركم   ) ، يقول : لا يخرج بعضكم بعضا من الديار . 
1466 - حدثني المثنى  قال : حدثنا آدم  قال : حدثنا أبو جعفر  ، عن قتادة  في قوله : ( لا تسفكون دماءكم   ) ، يقول : لا يقتل بعضكم بعضا بغير حق ، ( ولا تخرجون أنفسكم من دياركم   ) ، فتسفك - يا ابن آدم   - دماء أهل ملتك ودعوتك . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					