يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء الكافرون بالله ( اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا ) يقول تعالى ذكره للقائلين ذلك من خلقه : لقد جئتم أيها الناس شيئا عظيما من القول منكرا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( شيئا إدا ) يقول : قولا عظيما .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( لقد جئتم شيئا إدا ) يقول : لقد جئتم شيئا عظيما وهو المنكر من القول .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله ( شيئا إدا ) قال : عظيما .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( شيئا إدا ) قال : عظيما .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله ( لقد جئتم شيئا إدا ) قال : جئتم شيئا كبيرا من الأمر حين دعوا للرحمن ولدا . وفي الإد لغات ثلاث ، يقال : لقد جئت شيئا إدا ، بكسر الألف ، وأدا بفتح الألف ، وآدا بفتح الألف ومدها ، على مثال ماد فاعل . وقرأ قراء الأمصار ، وبها نقرأ ، [ ص: 258 ] وقد ذكر عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قرأ ذلك بفتح الألف ، ولا أرى قراءته كذلك لخلافها قراءة قراء الأمصار ، والعرب تقول لكل أمر عظيم : إد ، وإمر ، ونكر; ومنه قول الراجز :
قد لقي الأعداء مني نكرا داهية دهياء إدا إمرا
ومنه قول الآخر :
في لهث منه وحثل إدا
وقوله ( تكاد السماوات يتفطرن منه ) يقول تعالى ذكره :
تكاد السماوات يتشققن قطعا من قيلهم ( اتخذ الرحمن ولدا ) ومنه قيل : فطرنا به : إذا انشق .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا ) قال : إن الشرك فزعت منه السماوات والأرض والجبال ، وجميع الخلائق إلا الثقلين ، وكادت أن تزول منه لعظمة الله ، وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك ، كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله ، فمن قالها عند موته وجبت له الجنة" قالوا : يا رسول الله ، فمن قالها في صحته؟ قال : تلك أوجب وأوجب" . ثم قال : "والذي نفسي بيده لو [ ص: 259 ] جيء بالسماوات والأرضين وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ، فوضعن في كفة الميزان ، ووضعت شهادة أن لا إله إلا الله في الكفة الأخرى ، لرجحت بهن " .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ( تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ) ذكر لنا أن كعبا كان يقول : غضبت الملائكة ، واستعرت جهنم ، حين قالوا ما قالوا .
وقوله : ( وتنشق الأرض ) يقول : وتكاد الأرض تنشق ، فتنصدع من ذلك ( وتخر الجبال هدا ) يقول : وتكاد الجبال يسقط بعضها على بعض سقوطا . والهد : السقوط ، وهو مصدر هددت ، فأنا أهد هدا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( وتخر الجبال هدا ) يقول : هدما .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس ( وتخر الجبال هدا ) قال : الهد : الانقضاض .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وتخر الجبال هدا ) قال : غضبا لله . قال : ولقد دعا هؤلاء الذين جعلوا لله هذا الذي غضبت السماوات والأرض والجبال من قولهم ، لقد استتابهم ودعاهم إلى التوبة ، فقال : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) قالوا : هو وصاحبته وابنه ، جعلوهما إلهين معه ( وما من إله إلا إله واحد ) . . . . إلى قوله : ( ويستغفرونه والله غفور رحيم ) .


