القول في تأويل قوله تعالى : ( الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى    ( 53 ) )  [ ص: 320 ] اختلف أهل التأويل في قراءة قوله ( مهدا ) فقرأته عامة قراء المدينة  والبصرة   ( الذي جعل لكم الأرض مهادا ) بكسر الميم من المهاد وإلحاق ألف فيه بعد الهاء ، وكذلك عملهم ذلك في كل القرآن وزعم بعض من اختار قراءة ذلك كذلك ، أنه إنما اختاره من أجل أن المهاد : اسم الموضع ، وأن المهد الفعل ، قال : وهو مثل الفرش والفراش . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين ( مهدا ) بمعنى : الذي مهد لكم الأرض مهدا . 
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار مشهورتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب فيها . 
وقوله ( وسلك لكم فيها سبلا   ) يقول : وأنهج لكم في الأرض طرقا . والهاء في قوله فيها : من ذكر الأرض . 
كما حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  عن قتادة   ( وسلك لكم فيها سبلا   ) : أي طرقا . 
وقوله ( وأنزل من السماء ماء   ) يقول : وأنزل من السماء مطرا ( فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى   ) وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن إنعامه على خلقه بما يحدث لهم من الغيث الذي ينزله من سمائه إلى أرضه ، بعد تناهي خبره عن جواب موسى  فرعون  عما سأله عنه وثنائه على ربه بما هو أهله ، يقول جل ثناؤه : فأخرجنا نحن أيها الناس بما ننزل من السماء من ماء أزواجا ، يعني ألوانا من نبات شتى ، يعني مختلفة الطعوم ، والأراييح والمنظر . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني علي  قال : ثنا عبد الله  قال : ثني معاوية  عن علي  عن ابن عباس  قوله ( من نبات شتى   ) يقول : مختلف  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					