القول في تأويل قوله تعالى : ( وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين    ( 11 ) فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون   ( 12 ) ) 
يقول تعالى ذكره : وكثيرا قصمنا من قرية ، والقصم : أصله الكسر ، يقال منه : قصمت ظهر فلان إذا كسرته ، وانقصمت سنه : إذا انكسرت ، وهو هاهنا معني به أهلكنا ، وكذلك تأوله أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ،  [ ص: 417 ] عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد  قوله ( وكم قصمنا   ) قال : أهلكنا  . 
حدثنا القاسم  قال : ثنا الحسين  قال : ثني حجاج  عن  ابن جريج  عن مجاهد  قوله ( وكم قصمنا من قرية   ) قال : أهلكناها ، قال  ابن جريج   : قصمنا من قرية ، قال : باليمن قصمنا ، بالسيف أهلكوا  . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قول الله ( قصمنا من قرية   ) قال : قصمها أهلكها  . 
وقوله ( من قرية كانت ظالمة   ) أجرى الكلام على القرية ، والمراد بها أهلها لمعرفة السامعين بمعناه ، وكأن ظلمها كفرها بالله وتكذيبها رسله ، وقوله ( وأنشأنا بعدها قوما آخرين   ) يقول تعالى ذكره : وأحدثنا بعد ما أهلكنا هؤلاء الظلمة من أهل هذه القرية التي قصمناها بظلمها قوما آخرين سواهم . 
وقوله ( فلما أحسوا بأسنا   ) يقول : فلما عاينوا عذابنا قد حل بهم ورأوه قد وجدوا مسه ، يقال منه : قد أحسست من فلان ضعفا ، وأحسته منه ( إذا هم منها يركضون   ) يقول : إذا هم مما أحسوا بأسنا النازل بهم يهربون سراعا عجلى ، يعدون منهزمين ، يقال منه : ركض فلان فرسه : إذا كده سياقته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					