القول في تأويل قوله تعالى : ( وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين    ( 75 ) إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون   ( 76 ) ) 
يقول تعالى ذكره : ( وما من ) مكتوم سر وخفي أمر يغيب عن أبصار الناظرين  [ ص: 494 ]  ( في السماء والأرض إلا في كتاب   ) وهو أم الكتاب الذي أثبت ربنا فيه كل ما هو كائن من لدن ابتدأ خلق خلقه إلى يوم القيامة . ويعني بقوله : ( مبين ) أنه يبين لمن نظر إليه ، وقرأ ما فيه مما أثبت فيه ربنا جل ثناؤه . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد  ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : ( وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين   ) يقول : ما من شيء في السماء والأرض ، سر ولا علانية إلا يعلمه  . 
وقوله : ( إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون   ) يقول تعالى ذكره : إن هذا القرآن الذي أنزلته إليك يا محمد  يقص على بني إسرائيل  الحق ، في أكثر الأشياء التي اختلفوا فيها ، وذلك كالذي اختلفوا فيه من أمر عيسى  ، فقالت اليهود  فيه ما قالت ، وقالت النصارى  فيه ما قالت ، وتبرأ لاختلافهم فيه هؤلاء من هؤلاء ، وهؤلاء من هؤلاء ، وغير ذلك من الأمور التي اختلفوا فيها ، فقال جل ثناؤه لهم : إن هذا القرآن يقص عليكم الحق فيما اختلفتم فيه فاتبعوه ، وأقروا لما فيه ، فإنه يقص عليكم بالحق ، ويهديكم إلى سبيل الرشاد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					