القول في تأويل قوله تعالى : ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون    ( 46 ) ) 
يقول تعالى ذكره : وما كنت يا محمد  بجانب الجبل إذ نادينا موسى  بأن ( سأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي   ) . . . الآية . 
كما حدثنا عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي  ، قال : ثنا يحيى بن عيسى  ، عن الأعمش  ، عن علي بن مدرك  ، عن أبي زرعة ،  في قول الله : ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا   ) قال : نادى يا أمة محمد  أعطيتكم قبل أن تسألوني ،  [ ص: 586 ] وأجبتكم قبل أن تدعوني  . 
حدثنا بشر بن معاذ  ، قال : ثنا يزيد  ، قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  ، قوله : ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا   ) قال : نودوا : يا أمة محمد  أعطيتكم قبل أن تسألوني ، واستجبت لكم قبل أن تدعوني  . 
حدثني ابن وكيع ،  قال : ثنا حرملة بن قيس النخعي  ، قال : سمعت هذا الحديث من  أبي زرعة بن عمرو بن جرير  ، عن  أبي هريرة   ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا   ) قال : نودوا يا أمة محمد  أعطيتكم قبل أن تسألوني ، واستجبت لكم قبل أن تدعوني  . 
حدثنا القاسم  ، قال : ثنا الحسين  ، قال : ثنا معتمر  عن سليمان  ، وسفيان  عن سليمان ، وحجاج ،  عن حمزة الزيات  ، عن الأعمش  ، عن علي بن مدرك ،  عن  أبي زرعة بن عمرو  ، عن  أبي هريرة  ، في قوله : ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا   ) قال : نودوا يا أمة محمد  أعطيتكم قبل أن تسألوني ، واستجبت لكم قبل أن تدعوني ، قال : وهو قوله : حين قال موسى   ( واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة   )  . . . الآية . 
قال : ثنا الحسين  ، قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج  مثل ذلك . 
وقوله : ( ولكن رحمة من ربك   ) يقول تعالى ذكره : لم تشهد شيئا من ذلك يا محمد  فتعلمه ، ولكنا عرفناكه ، وأنزلنا إليك ، فاقتصصنا ذلك كله عليك في كتابنا ، وابتعثناك بما أنزلنا إليك من ذلك رسولا إلى من ابتعثناك إليه من الخلق رحمة منا لك ولهم . 
كما حدثنا بشر  ، قال : ثنا يزيد  ، قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة   ( ولكن رحمة من ربك ما قصصنا عليك لتنذر قوما ) . . . الآية . 
حدثنا القاسم  ، قال : ثنا الحسين  ، قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد ( ولكن رحمة من ربك   ) قال : كان رحمة من ربك النبوة  . 
وقوله : ( لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك   ) يقول تعالى ذكره : ولكن أرسلناك بهذا الكتاب وهذا الدين لتنذر قوما لم يأتهم من قبلك نذير ، وهم العرب  الذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعثه الله إليهم رحمة لينذرهم بأسه على عبادتهم الأصنام ، وإشراكهم به الأوثان والأنداد . 
وقوله : ( لعلهم يتذكرون ) يقول : ليتذكروا خطأ ما هم عليه مقيمون من كفرهم بربهم ، فينيبوا إلى الإقرار لله بالوحدانية ، وإفراده بالعبادة دون كل ما سواه من الآلهة . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .  [ ص: 587 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني يونس  ، قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : قال ابن زيد   ( ولكن رحمة من ربك   ) قال : الذي أنزلنا عليك من القرآن ( لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك   )  . 
				
						
						
