القول في تأويل قوله تعالى : ( أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين ( 61 ) )
يقول تعالى ذكره : أفمن وعدناه من خلقنا على طاعته إيانا الجنة ، فآمن بما وعدناه وصدق وأطاعنا ، فاستحق بطاعته إيانا أن ننجز له ما وعدناه ، فهو لاق ما وعد وصائر إليه ؛ كمن متعناه في الدنيا متاعها ، فتمتع به ، ونسي العمل بما وعدنا أهل الطاعة ، وترك طلبه ، وآثر لذة عاجلة على آجلة ، ثم هو يوم القيامة إذا ورد على الله من المحضرين ، يعني من المشهدين عذاب الله ، وأليم عقابه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه ) قال : هو المؤمن سمع كتاب الله فصدق به وآمن بما وعد الله [ ص: 605 ] فيه ( كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ) هو هذا الكافر ليس والله كالمؤمن ( ثم هو يوم القيامة من المحضرين ) : أي في عذاب الله .
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال ابن عمرو في حديثه : قوله : ( من المحضرين ) قال : أحضروها . وقال الحارث في حديثه : ( ثم هو يوم القيامة من المحضرين ) أهل النار ، أحضروها .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ( ثم هو يوم القيامة من المحضرين ) قال : أهل النار ، أحضروها .
واختلف أهل التأويل فيمن نزلت فيه هذه الآية ، فقال بعضهم نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي أبي جهل بن هشام .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي ، قال : ثنا شعبة ، عن أبان بن تغلب ، عن مجاهد ( أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين ) قال نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي أبي جهل بن هشام .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ( أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه ) قال : النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال آخرون : نزلت في حمزة وعلي رضي الله عنهما ، وأبي جهل لعنه الله .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا بدل بن المحبر التغلبي قال : ثنا شعبة ، عن أبان بن تغلب ، عن مجاهد ( أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين ) قال : نزلت في حمزة وعلي بن أبي طالب ، وأبي جهل .
حدثنا عبد الصمد ، قال : ثنا شعبة عن أبان بن تغلب ، عن مجاهد ، قال : [ ص: 606 ] نزلت في حمزة وأبي جهل .


