القول في تأويل قوله تعالى : ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين    ( 85 ) ) 
يقول تعالى ذكره : إن الذي أنزل عليك يا محمد  القرآن . 
كما حدثنا القاسم  ، قال : ثنا الحسين  ، قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد ،  في قوله : ( إن الذي فرض عليك القرآن   ) قال : الذي أعطاك القرآن  .  [ ص: 639 ] 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى   ; وحدثني الحارث  ، قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  في قول الله : ( إن الذي فرض عليك القرآن   ) قال : الذي أعطاكه  . 
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( لرادك إلى معاد   ) فقال بعضهم : معناه : لمصيرك إلى الجنة . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد  ، قال : ثنا عتاب بن بشر  ، عن خصيف  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس   ( لرادك إلى معاد   ) قال : إلى معدنك من الجنة  . 
حدثنا ابن وكيع  ، قال : ثنا ابن مهدي  ، عن سفيان  ، عن الأعمش  ، عن رجل ، عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس  ، قال : إلى الجنة . 
حدثنا ابن وكيع  ، قال : ثني أبي ، عن إبراهيم بن حبان  ، سمعت أبا جعفر  ، عن ابن عباس  ، عن  أبي سعيد الخدري   ( لرادك إلى معاد   ) قال : معاده آخرته الجنة  . 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا ابن يمان  ، عن سفيان  ، عن  السدي ،  عن أبي مالك  ، في ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد   ) قال : إلى الجنة ليسألك عن القرآن  . 
حدثنا أبو كريب   وابن وكيع ،  قالا ثنا ابن يمان  ، عن سفيان  ، عن  السدي ،  عن أبي صالح  ، قال : الجنة . 
حدثنا ابن وكيع  ، قال : ثنا ابن مهدي  ، عن سفيان  ، عن  السدي  ، عن أبي صالح   : ( لرادك إلى معاد   ) قال : إلى الجنة  . 
حدثنا يحيى بن يمان  ، عن سفيان  ، عن  السدي ،  عن أبي مالك  ، قال يردك إلى الجنة ، ثم يسألك عن القرآن . 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا يحيى بن يمان  ، عن سفيان  ، عن جابر  ، عن عكرمة  ومجاهد ،  قالا إلى الجنة . 
حدثنا القاسم  ، قال : ثنا الحسين  ، قال : ثنا أبو تميلة  ، عن أبي حمزة  ، عن جابر  ، عن عكرمة   وعطاء  ومجاهد  وأبي قزعة  والحسن ،  قالوا : يوم القيامة . 
قال : ثنا الحسين  ، قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد   : ( لرادك إلى معاد   ) قال : يجيء بك يوم القيامة  .  [ ص: 640 ] 
قال : ثنا الحسين  ، قال : ثنا أبو سفيان  ، عن معمر  ، عن الحسن   والزهري  ، قالا : معاده يوم القيامة . 
حدثني محمد بن عمرو  ، قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى   ; وحدثني الحارث  ، قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  قوله : ( لرادك إلى معاد   ) قال : يجيء بك يوم القيامة  . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا هوذة  ، قال : ثنا عون  ، عن الحسن ،  في قوله : ( لرادك إلى معاد   ) قال : معادك من الآخرة  . 
حدثنا بشر  ، قال : ثنا يزيد  ، قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  ، في قوله : ( لرادك إلى معاد   ) قال : كان الحسن  يقول : إي والله ، إن له لمعادا يبعثه الله يوم القيامة ، ويدخله الجنة  . 
وقال آخرون : معنى ذلك : لرادك إلى الموت . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني إسحاق بن وهب الواسطي  ، قال : ثنا  محمد بن عبد الله الزبيري  ، قال : ثنا  سفيان بن سعيد الثوري  ، عن الأعمش  ، عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس   : ( لرادك إلى معاد   ) قال : الموت  . 
حدثنا ابن وكيع  ، قال : ثنا يحيى بن يمان  ، عن سفيان  ، عن  السدي ،  عن رجل ، عن ابن عباس  ، قال : إلى الموت . 
قال : ثنا أبي ، عن إسرائيل  ، عن جابر  ، عن أبي جعفر  ، عن سعيد   : ( لرادك إلى معاد   ) قال : إلى الموت  . 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا ابن يمان  ، عن سفيان  ، عن  السدي  عمن سمع ابن عباس  ، قال إلى الموت . 
حدثنا أبو كريب   وابن وكيع  ، قالا ثنا ابن يمان  ، عن سفيان  ، عن الأعمش  ، عن سعيد بن جبير  ، قال : إلى الموت . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن  ، قال : ثنا سفيان  ، عن الأعمش  ، عن رجل ، عن سعيد بن جبير  في قوله : ( لرادك إلى معاد   ) قال : الموت  . 
حدثنا القاسم  ، قال : ثنا أبو تميلة  ، عن أبي حمزة  ، عن جابر  ، عن عدي بن  [ ص: 641 ] ثابت  ، عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس  ، قالا إلى الموت ، أو إلى مكة   . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : لرادك إلى الموضع الذي خرجت منه ، وهو مكة   . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن وكيع  ، قال : ثنا يعلى بن عبيد  ، عن سفيان العصفري  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس   : ( لرادك إلى معاد   ) قال : إلى مكة   . 
حدثني محمد بن سعد  ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس   ( لرادك إلى معاد   ) قال : يقول : لرادك إلى مكة  ، كما أخرجك منها  . 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا ابن يمان  ، قال : أخبرنا يونس بن أبي إسحاق  ، عن مجاهد ،  قال : مولده بمكة   . 
حدثنا ابن وكيع  ، قال ثنا أبي عن يونس بن أبي إسحاق  ، قال : سمعت  مجاهدا  يقول : ( لرادك إلى معاد   ) قال : إلى مولدك بمكة   . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا  يحيى بن واضح  ، قال : ثنا يونس بن عمرو  ، وهو ابن أبي إسحاق  ، عن مجاهد ،  في قوله : ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد   ) قال : إلى مولدك بمكة   . 
حدثني الحسين بن علي الصدائي  ، قال : ثنا أبي ، عن الفضيل بن مرزوق  ، عن  مجاهد أبي الحجاج  ، في قوله : ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد   ) قال : إلى مولده بمكة   . 
حدثنا القاسم  ، قال : ثنا الحسين  ، قال : ثني عيسى بن يونس  ، عن أبيه ، عن مجاهد  قال : إلى مولدك بمكة   . 
والصواب من القول في ذلك عندي : قول من قال : لرادك إلى عادتك من الموت ، أو إلى عادتك حيث ولدت ، وذلك أن المعاد في هذا الموضع : المفعل من العادة ، ليس من العود ، إلا أن يوجه موجه تأويل قوله : ( لرادك ) لمصيرك ، فيتوجه حينئذ قوله : ( إلى معاد   ) إلى معنى العود ، ويكون تأويله : إن الذي فرض عليك القرآن لمصيرك إلى أن تعود إلى مكة  مفتوحة لك . 
فإن قال قائل : فهذه الوجوه التي وصفت في ذلك قد فهمناها ، فما وجه تأويل من تأوله بمعنى : لرادك إلى الجنة ؟ قيل : ينبغي أن يكون وجه تأويله ذلك كذلك على  [ ص: 642 ] هذا الوجه الآخر ، وهو لمصيرك إلى أن تعود إلى الجنة . 
فإن قال قائل : أوكان أخرج من الجنة ؟ ، فيقال له : نحن نعيدك إليها ؟ قيل : لذلك وجهان : أحدهما : أنه إن كان أبوه آدم  صلى الله عليهما أخرج منها ، فكأن ولده بإخراج الله إياه منها ، قد أخرجوا منها ، فمن دخلها فكأنما يرد إليها بعد الخروج . والثاني أن يقال : إنه كان صلى الله عليه وسلم دخلها ليلة أسري به ، كما روي عنه أنه قال : " دخلت الجنة ، فرأيت فيها قصرا ، فقلت : لمن هذا ؟ فقالوا :  لعمر بن الخطاب   " ، ونحو ذلك من الأخبار التي رويت عنه بذلك ، ثم رد إلى الأرض ، فيقال له : إن الذي فرض عليك القرآن لرادك لمصيرك إلى الموضع الذي خرجت منه من الجنة ، إلى أن تعود إليه ، فذلك إن شاء الله قول من قال ذلك . 
وقوله : ( قل ربي أعلم من جاء بالهدى   ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد  صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد  لهؤلاء المشركين : ربي أعلم من جاء بالهدى الذي من سلكه نجا ، ومن هو في جور عن قصد السبيل منا ومنكم . وقوله : ( مبين ) ; يعني أنه يبين للمفكر الفهم إذا تأمله وتدبره ، أنه ضلال وجور عن الهدى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					