القول في تأويل قوله تعالى : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا    ( 32 ) وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ( 33 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - لأزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء   ) من نساء هذه الأمة ( إن اتقيتن   ) الله فأطعتنه في ما أمركن ونهاكن . 
كما حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء   ) يعني من نساء هذه الأمة . 
وقوله : ( فلا تخضعن بالقول   ) يقول : فلا تلن بالقول للرجال فيما يبتغيه أهل الفاحشة منكن . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .  [ ص: 258 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول   ) يقول : لا ترخصن بالقول ، ولا تخضعن بالكلام . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( فلا تخضعن بالقول   ) قال : خضع القول ما يكره من قول النساء للرجال مما يدخل في قلوب الرجال . 
وقوله ( فيطمع الذي في قلبه مرض   ) يقول : فيطمع الذي في قلبه ضعف ، فهو لضعف إيمانه في قلبه ؛ إما شاك في الإسلام منافق ، فهو لذلك من أمره يستخف بحدود الله ، وإما متهاون بإتيان الفواحش . 
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ؛ فقال بعضهم : إنما وصفه بأن في قلبه مرضا ، لأنه منافق . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( فيطمع الذي في قلبه مرض   ) قال : نفاق . 
وقال آخرون : بل وصفه بذلك لأنهم يشتهون إتيان الفواحش . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( فيطمع الذي في قلبه مرض   ) قال : قال عكرمة   : شهوة الزنا . 
وقوله : ( وقلن قولا معروفا   ) يقول : وقلن قولا قد أذن الله لكم به وأباحه . 
كما حدثنا يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( وقلن قولا معروفا   ) قال : قولا جميلا حسنا معروفا في الخير .  [ ص: 259 ] 
واختلفت القراء في قراءة قوله ( وقرن في بيوتكن   ) فقرأته عامة قراء المدينة  وبعض الكوفيين   : ( وقرن ) بفتح القاف ، بمعنى : واقررن في بيوتكن ، وكأن من قرأ ذلك كذلك حذف الراء الأولى من " اقررن " ، وهي مفتوحة ، ثم نقلها إلى القاف ، كما قيل ( فظلتم تفكهون   ) وهو يريد : فظللتم ، فأسقطت اللام الأولى وهي مكسورة ، ثم نقلت كسرتها إلى الظاء . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة والبصرة ( وقرن ) بكسر القاف ، بمعنى : كن أهل وقار وسكينة ( في بيوتكن ) . 
وهذه القراءة وهي الكسر في القاف أولى عندنا بالصواب لأن ذلك إن كان من الوقار على ما اخترنا ، فلا شك أن القراءة بكسر القاف ، لأنه يقال : وقر فلان في منزله ؛ فهو يقر وقورا ، فتكسر القاف في تفعل ، فإذا أمر منه قيل : قر كما يقال من وزن يزن زن ، ومن وعد : يعد عد ، وإن كان من القرار ، فإن الوجه أن يقال : اقررن ؛ لأن من قال من العرب : ظلت أفعل كذا ، وأحست بكذا ، فأسقط عين الفعل ، وحول حركتها إلى فائه في فعل وفعلنا وفعلتم ، لم يفعل ذلك في الأمر والنهي ، فلا يقول : ظل قائما ولا تظل قائما ، فليس الذي اعتل به من اعتل لصحة القراءة بفتح القاف في ذلك ، يقول العرب في ظللت وأحسست : ظلت وأحست ، بعلة توجب صحته لما وصفت من العلة ، وقد حكى بعضهم عن بعض الأعراب سماعا منه : ينحطن من الجبل ، وهو يريد : ينحططن ، فإن يكن ذلك صحيحا ، فهو أقرب إلى أن يكون حجة لأهل هذه القراءة من الحجة الأخرى . 
وقوله : ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى   ) قيل : إن التبرج في هذا الموضع : التبختر والتكسر . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى   ) : أي إذا خرجتن من بيوتكن ، قال : كانت لهن مشية وتكسر  [ ص: 260 ] وتغنج ، يعني بذلك : الجاهلية الأولى ، فنهاهن الله عن ذلك . 
حدثني يعقوب  قال : ثنا  ابن علية  قال : سمعت ابن أبي نجيح ،  يقول في قوله ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى   ) قال : التبختر . وقيل إن التبرج هو إظهار الزينة ، وإبراز المرأة محاسنها للرجال . 
وأما قوله ( تبرج الجاهلية الأولى   ) فإن أهل التأويل اختلفوا في الجاهلية الأولى ؛ فقال بعضهم : ذلك ما بين عيسى  ومحمد  عليهما السلام . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن وكيع  قال : ثنا أبي ، عن زكريا ،  عن عامر   ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى   ) قال : الجاهلية الأولى : ما بين عيسى  ومحمد  عليهما السلام . 
وقال آخرون : ذلك ما بين آدم  ونوح   . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن وكيع  قال : ثنا ابن عيينة ،  عن أبيه ، عن الحكم   ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى   ) قال : وكان بين آدم  ونوح  ثمانمائة سنة ، فكان نساؤهم من أقبح ما يكون من النساء ، ورجالهم حسان ، فكانت المرأة تريد الرجل على نفسه ؛ فأنزلت هذه الآية ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى   ) . 
وقال آخرون : بل ذلك بين نوح  وإدريس .  
ذكر من قال ذلك : 
حدثني ابن زهير  قال : ثنا موسى بن إسماعيل  قال : ثنا داود ،  يعني ابن أبي الفرات  قال : ثنا علباء بن أحمر ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس  قال : تلا هذه الآية ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى   ) قال : كان فيما بين نوح  وإدريس ،  وكانت ألف سنة ، وإن بطنين من ولد آدم  كان أحدهما يسكن السهل ، والآخر يسكن الجبل ، وكان رجال الجبل صباحا ، وفي النساء دمامة ،  [ ص: 261 ] وكان نساء السهل صباحا ، وفي الرجال دمامة ، وإن إبليس أتى رجلا من أهل السهل في صورة غلام ، فأجر نفسه منه ، وكان يخدمه ، واتخذ إبليس شيئا مثل ذلك الذي يزمر فيه الرعاء ، فجاء فيه بصوت لم يسمع مثله ، فبلغ ذلك من حولهم ، فانتابوهم يسمعون إليه ، واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة ، فتتبرج الرجال للنساء ، قال : ويتزين النساء للرجال ، وإن رجلا من أهل الجبل هجم عليهم وهم في عيدهم ذلك ، فرأى النساء ، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك ، فتحولوا إليهن ، فنزلوا معهن ، فظهرت الفاحشة فيهن ، فهو قول الله ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى   )  . 
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال : إن الله - تعالى ذكره - نهى نساء النبي أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وجائز أن يكون ذلك ما بين آدم  وعيسى ،  فيكون معنى ذلك : ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى التي قبل الإسلام . 
فإن قال قائل : أوفي الإسلام جاهلية حتى يقال عنى بقوله ( الجاهلية الأولى   ) : التي قبل الإسلام ؟ قيل : فيه أخلاق من أخلاق الجاهلية . 
كما حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى   ) قال : يقول : التي كانت قبل الإسلام ، قال : وفي الإسلام جاهلية ؟ قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم -  لأبي الدرداء ،  وقال لرجل وهو ينازعه : يا ابن فلانة : لأم كان يعيره بها في الجاهلية ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أبا الدرداء  إن فيك جاهلية " ، قال : أجاهلية كفر أو إسلام ؟ قال : بل جاهلية كفر ، قال : فتمنيت أن لو كنت ابتدأت إسلامي يومئذ . قال : وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ثلاث من عمل أهل الجاهلية لا يدعهن الناس : الطعن بالأنساب ، والاستمطار بالكواكب ، والنياحة " . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  قال : أخبرني  سليمان بن بلال ،  عن ثور ،  عن  عبد الله بن عباس ؛  أن  عمر بن الخطاب  قال  [ ص: 262 ] له : أرأيت قول الله لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى   ) هل كانت إلا واحدة ؟ فقال ابن عباس   : وهل كانت من أولى إلا ولها آخرة ؟ فقال عمر   : لله درك يا ابن عباس ،  كيف قلت ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، هل كانت من أولى إلا ولها آخرة ؟ قال : فأت بتصديق ما تقول من كتاب الله ، قال : نعم ( وجاهدوا في الله حق جهاده كما جاهدتم أول مرة ) قال عمر   : فمن أمر بالجهاد ؟ قال : قبيلتان من قريش ؛  مخزوم  وبنو عبد شمس ،  فقال عمر   : صدقت . 
وجائز أن يكون ذلك ما بين آدم  ونوح .  وجائز أن يكون ما بين إدريس  ونوح ،  فتكون الجاهلية الآخرة ، ما بين عيسى  ومحمد ،  وإذا كان ذلك مما يحتمله ظاهر التنزيل ، فالصواب أن يقال في ذلك كما قال الله : إنه نهى عن تبرج الجاهلية الأولى . 
وقوله ( وأقمن الصلاة وآتين الزكاة   ) يقول : وأقمن الصلاة المفروضة ، وآتين الزكاة الواجبة عليكن في أموالكن ( وأطعن الله ورسوله   ) فيما أمراكن ونهياكن ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت   ) يقول : إنما يريد الله ليذهب عنكم السوء والفحشاء يا أهل بيت محمد ،  ويطهركم من الدنس الذي يكون في أهل معاصي الله تطهيرا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) فهم أهل بيت طهرهم الله من السوء ، وخصهم برحمة منه 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله  [ ص: 263 ]  ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) قال : الرجس هاهنا : الشيطان ، وسوى ذلك من الرجس : الشرك . 
اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله ( أهل البيت   ) فقال بعضهم : عني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي  وفاطمة  والحسن  والحسين  رضوان الله عليهم . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني  محمد بن المثنى  قال : ثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي  قال : ثنا مندل ،  عن الأعمش ،  عن عطية ،  عن  أبي سعيد الخدري  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  " نزلت هذه الآية في خمسة : في وفي علي  رضي الله عنه وحسن  رضي الله عنه وحسين  رضي الله عنه وفاطمة  رضي الله عنها : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) " . 
حدثنا ابن وكيع  قال : ثنا محمد بن بشر ،  عن زكريا ،  عن مصعب بن شيبة ،  عن صفية بنت شيبة  قالت : قالت عائشة   : خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة ، وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجاء الحسن ،  فأدخله معه ثم قال : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) . 
حدثنا ابن وكيع  قال : ثنا  محمد بن بكر ،  عن حماد بن سلمة ،  عن علي بن زيد ،  عن أنس  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمر ببيت فاطمة  ستة أشهر ، كلما خرج إلى الصلاة فيقول : " الصلاة أهل البيت ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) " . 
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي  قال : ثنا يحيى بن إبراهيم بن سويد النخعي ،  عن هلال ، يعني ابن مقلاص ،  عن زبيد ،  عن  شهر بن حوشب ،  عن أم سلمة  قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندي ، وعلي  وفاطمة  والحسن  والحسين ،  فجعلت لهم خزيرة ، فأكلوا وناموا ، وغطى عليهم عباءة أو قطيفة ، ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي ، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " .  [ ص: 264 ] 
حدثنا ابن وكيع  قال : ثنا أبو نعيم  قال : ثنا يونس بن أبي إسحاق  قال : أخبرني أبو داود ،  عن أبي الحمراء  قال : رابطت المدينة  سبعة أشهر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا طلع الفجر ، جاء إلى باب علي  وفاطمة ،  فقال : " الصلاة الصلاة " ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) " . 
حدثني عبد الأعلى بن واصل  قال : ثنا  الفضل بن دكين  قال : ثنا يونس بن أبي إسحاق ،  بإسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله . 
حدثني عبد الأعلى بن واصل  قال : ثنا  الفضل بن دكين  قال : ثنا عبد السلام بن حرب ،  عن كلثوم المحاربي ،  عن أبي عمار  قال : إني لجالس عند واثلة بن الأسقع  إذ ذكروا عليا  رضي الله عنه ، فشتموه ، فلما قاموا قال : اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموا ؛ إني عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه علي  وفاطمة  وحسن  وحسين ،  فألقى عليهم كساء له ، ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " . قلت : يا رسول الله ، وأنا ؟ قال : " وأنت " . قال : فوالله إنها لأوثق عملي عندي . 
حدثني عبد الكريم بن أبي عمير  قال : ثنا  الوليد بن مسلم  قال : ثنا أبو عمرو  قال : ثني شداد أبو عمار  قال : سمعت واثلة بن الأسقع  يحدث ، قال : سألت عن  علي بن أبي طالب  في منزله ، فقالت فاطمة   : قد ذهب يأتي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء ، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخلت ، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الفراش وأجلس فاطمة  عن يمينه وعليا  عن يساره وحسنا  وحسينا  بين يديه ، فلفع عليهم بثوبه وقال : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) اللهم هؤلاء أهلي ، اللهم أهلي أحق " . قال واثلة   : فقلت من ناحية البيت : وأنا يا رسول الله من أهلك ؟ قال : " وأنت من أهلي " . قال واثلة   : إنها لمن أرجى  [ ص: 265 ] ما أرتجي . 
حدثني أبو كريب  قال : ثنا  وكيع ،  عن عبد الحميد بن بهرام ،  عن  شهر بن حوشب ،  عن  فضيل بن مرزوق ،  عن عطية ،  عن  أبي سعيد الخدري ،  عن أم سلمة  قالت : لما نزلت هذه الآية : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليا  وفاطمة  وحسنا  وحسينا ،  فجلل عليهم كساء خيبريا ، فقال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " . قالت أم سلمة :  ألست منهم ؟ قال : " أنت إلى خير " . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا مصعب بن المقدام  قال : ثنا سعيد بن زربي ،  عن  محمد بن سيرين ،  عن  أبي هريرة ،  عن أم سلمة  قالت : جاءت فاطمة  إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحلها على طبق ، فوضعته بين يديه ، فقال : " أين ابن عمك وابناك ؟ " فقالت : في البيت ، فقال : " ادعيهم " . فجاءت إلى علي  فقالت : أجب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنت وابناك ، قالت أم سلمة   : فلما رآهم مقبلين مد يده إلى كساء كان على المنامة فمده وبسطه وأجلسهم عليه ، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمه فوق رءوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربه ، فقال : " هؤلاء أهل البيت ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا حسن بن عطية  قال : ثنا  فضيل بن مرزوق ،  عن عطية ،  عن أبي سعيد ،  عن أم سلمة ؛  زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذه الآية نزلت في بيتها ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) قالت : وأنا جالسة على باب البيت ، فقلت : أنا يا رسول الله ألست من أهل البيت ؟ قال : " إنك إلى خير ، أنت من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - " . قالت : وفي البيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي  وفاطمة  والحسن  والحسين  رضي الله عنهم .  [ ص: 266 ] 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا خالد بن مخلد  قال : ثنا موسى بن يعقوب  قال : ثني  هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ،  عن عبد الله بن وهب بن زمعة  قال : أخبرتني أم سلمة  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع عليا  والحسنين ،  ثم أدخلهم تحت ثوبه ، ثم جأر إلى الله ، ثم قال : " هؤلاء أهل بيتي " . فقالت أم سلمة   : يا رسول الله أدخلني معهم . قال : " إنك من أهلي " . 
حدثني أحمد بن محمد الطوسي  قال : ثنا عبد الرحمن بن صالح  قال : ثنا محمد بن سليمان الأصبهاني ،  عن يحيى بن عبيد المكي ،  عن عطاء ،  عن عمر بن أبي سلمة  قال : نزلت هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت أم سلمة   ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) فدعا حسنا  وحسينا  وفاطمة  فأجلسهم بين يديه ، ودعا عليا  فأجلسه خلفه ، فتجلل هو وهم بالكساء ثم قال : " هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " . قالت أم سلمة   : أنا معهم؟ مكانك ، وأنت على خير . 
حدثني محمد بن عمارة  قال : ثنا إسماعيل بن أبان  قال : ثنا الصباح بن يحيى المري ،  عن  السدي ،  عن أبي الديلم  قال : قال علي بن الحسين  لرجل من أهل الشام   : أما قرأت في الأحزاب ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) قال : ولأنتم هم ؟ قال : نعم . 
حدثنا  ابن المثنى  قال : ثنا أبو بكر الحنفي  قال : ثنا بكير بن مسمار  قال : سمعت عامر بن سعد  قال : قال سعد   : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزل عليه الوحي ، فأخذ عليا  وابنيه وفاطمة ،  وأدخلهم تحت ثوبه ، ثم قال : " رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي " .  [ ص: 267 ] 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا عبد الله بن عبد القدوس ،  عن الأعمش ،  عن حكيم بن سعد  قال : ذكرنا  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه عند أم سلمة  قالت : فيه نزلت : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) . قالت أم سلمة   : جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيتي فقال : " لا تأذني لأحد " . فجاءت فاطمة ،  فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها ، ثم جاء الحسن ،  فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جده وأمه ، وجاء الحسين ،  فلم أستطع أن أحجبه ، فاجتمعوا حول النبي - صلى الله عليه وسلم - على بساط ، فجللهم نبي الله بكساء كان عليه ، ثم قال : " هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " ؛ فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط ، قالت : فقلت : يا رسول الله وأنا ؟ قالت : فوالله ما أنعم وقال : " إنك على خير " . 
وقال آخرون : بل عنى بذلك أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا  يحيى بن واضح  قال : ثنا الأصبغ ،  عن علقمة  قال : كان عكرمة  ينادي في السوق ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا   ) قال : نزلت في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة . 
				
						
						
