القول في تأويل قوله تعالى : ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما    ( 35 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : إن المتذللين لله بالطاعة والمتذللات ، والمصدقين والمصدقات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما أتاهم به من عند الله ، والقانتين والقانتات لله ، والمطيعين لله والمطيعات له فيما أمرهم ونهاهم ، والصادقين لله فيما عاهدوه عليه والصادقات فيه ، والصابرين لله في البأساء والضراء على الثبات على دينه وحين البأس والصابرات ، والخاشعة قلوبهم لله وجلا منه ومن عقابه   [ ص: 269 ] والخاشعات ، والمتصدقين والمتصدقات وهم المؤدون حقوق الله من أموالهم والمؤديات ، والصائمين شهر رمضان الذي فرض الله صومه عليهم والصائمات ذلك ، والحافظين فروجهم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم والحافظات ذلك إلا على أزواجهن إن كن حرائر أو من ملكهن إن كن إماء ، والذاكرين الله بقلوبهم وألسنتهم وجوارحهم والذاكرات ، كذلك أعد الله لهم مغفرة لذنوبهم ، وأجرا عظيما : يعني ثوابا في الآخرة على ذلك من أعمالهم عظيما ، وذلك الجنة . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قال : دخل نساء على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقلن : قد ذكركن الله في القرآن ، ولم نذكر بشيء ، أما فينا ما يذكر ؟ فأنزل الله تبارك وتعالى ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات    ) : أي : المطيعين والمطيعات ، ( والخاشعين والخاشعات    ) أي : الخائفين والخائفات ( أعد الله لهم مغفرة    ) لذنوبهم ( وأجرا عظيما ) في الجنة . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( وأجرا عظيما ) قال : الجنة ، وفي قوله ( والقانتين والقانتات    ) قال : المطيعين والمطيعات . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا جرير ،  عن عطاء ،  عن عامر  قال : القانتات : المطيعات . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مؤمل  قال : سفيان ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  قال : قالت أم سلمة    : يا رسول الله يذكر الرجال ولا نذكر ؛ فنزلت ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات    ) . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا أبو معاوية ،  عن محمد بن عمرو ،  عن أبي سلمة ،  أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب  حدثه أن أم سلمة  قالت : قلت :   [ ص: 270 ] يا رسول الله أيذكر الرجال في كل شيء ولا نذكر ؟ فأنزل الله ( إن المسلمين والمسلمات    ) الآية   . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا سيار بن مظاهر العنزي  قال : ثنا أبو كدينة يحيى بن مهلب ،  عن قابوس بن أبي ظبيان ،  عن أبيه ، عن ابن عباس  قال : قال نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - : ماله يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات ؟ فأنزل الله ( إن المسلمين والمسلمات    ) الآية . 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى ،  وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  قوله ( إن المسلمين والمسلمات    ) قال : قالت  أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -    : ما للنساء لا يذكرن مع الرجال في الصلاح ؟ فأنزل الله هذه الآية . 
حدثني محمد بن المعمر  قال : ثنا أبو هشام  قال : ثنا عبد الواحد  قال : ثنا عثمان بن حكيم  قال : ثنا عبد الرحمن بن شيبة  قال : سمعت أم سلمة  زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول : قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال ؟ قالت : فلم يرعني ذات يوم ظهرا إلا نداؤه على المنبر وأنا أسرح رأسي ، فلففت شعري ثم خرجت إلى حجرة من حجرهن ، فجعلت سمعي عند الجريد ، فإذا هو يقول على المنبر : يا أيها الناس إن الله يقول في كتابه : ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات    ) إلى قوله ( أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما    ) . 
				
						
						
