القول في تأويل قوله تعالى : ( قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون ( 26 ) بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ( 27 ) )
يقول - تعالى ذكره - : قال الله له إذ قتلوه كذلك فلقيه ( ادخل الجنة ) فلما دخلها وعاين ما أكرمه الله به لإيمانه وصبره فيه ( قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي ) يقول : يا ليتهم يعلمون أن السبب الذي من أجله غفر لي ربي ذنوبي ، وجعلني من الذين أكرمهم الله بإدخاله إياه جنته ، كان إيماني بالله وصبري فيه ، حتى قتلت ، فيؤمنوا بالله ويستوجبوا الجنة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة قال : ثني ابن إسحاق ، عن بعض أصحابه [ ص: 509 ] أن كان يقول : قال الله له : ادخل الجنة ، فدخلها حيا يرزق فيها ، قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها ، فلما أفضى إلى رحمة الله وجنته وكرامته ( عبد الله بن مسعود قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( قيل ادخل الجنة ) فلما دخلها ( قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) قال : فلا تلقى المؤمن إلا ناصحا ، ولا تلقاه غاشا ، فلما عاين من كرامة الله ( قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله ، وما هجم عليه .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله ( قيل ادخل الجنة ) قال : قيل : قد وجبت له الجنة ; قال ذاك حين رأى الثواب .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ( قيل ادخل الجنة ) قال : وجبت لك الجنة .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد ( قيل ادخل الجنة ) قال : وجبت له الجنة .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا يحيى ، عن سفيان ، عن عاصم الأحول ، عن أبي مجلز في قوله ( بما غفر لي ربي ) قال إيماني بربي ، وتصديقي رسله ، والله أعلم .