[ ص: 335 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون    ( 69 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : فأضاءت الأرض بنور ربها ، يقال : أشرقت الشمس . إذا صفت وأضاءت ، وأشرقت : إذا طلعت ، وذلك حين يبرز الرحمن لفصل القضاء بين خلقه . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر   . قال . ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : ( وأشرقت الأرض بنور ربها   ) قال : فما يتضارون في نوره إلا كما يتضارون في الشمس في اليوم الصحو الذي لا دخن فيه . 
حدثنا محمد  قال ثنا أحمد  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( وأشرقت الأرض بنور ربها   ) قال : أضاءت . 
وقوله ( ووضع الكتاب   ) يعني . كتاب أعمالهم لمحاسبتهم ومجازاتهم . 
كما حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال ثنا سعيد  ، عن قتادة   ( ووضع الكتاب   ) قال : كتب أعمالهم . 
حدثنا محمد  قال : ثنا أحمد  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( ووضع الكتاب   ) قال : الحساب . 
وقوله : ( وجيء بالنبيين والشهداء   ) يقول : وجيء بالنبيين ليسألهم ربهم عما أجابتهم به أممهم ، وردت عليهم في الدنيا ، حين أتتهم رسالة الله ، والشهداء ، يعني بالشهداء : أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ويستشهدهم ربهم على الرسل ، فيما ذكرت من تبليغها رسالة الله التي أرسلهم بها ربهم إلى أممها ، إذ جحدت أممهم أن يكونوا أبلغوهم رسالة الله ، والشهداء : جمع شهيد ، وهذا  [ ص: 336 ] نظير قول الله : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا   ) . وقيل : عنى بقوله : ( الشهداء ) : الذين قتلوا في سبيل الله ، وليس لما قالوا من ذلك في هذا الموضع كبير معنى ، لأن عقيب قوله : ( وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق   ) ، وفي ذلك دليل واضح على صحة ما قلنا من أنه إنما دعى بالنبيين والشهداء للقضاء بين الأنبياء وأممها ، وأن الشهداء إنما هي جمع شهيد ، الذين يشهدون للأنبياء على أممهم كما ذكرنا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا علي  قال : ثنا أبو صالح  قال : ثني معاوية  ، عن علي  ، عن ابن عباس  قوله ( وجيء بالنبيين والشهداء   ) فإنهم ليشهدون للرسل بتبليغ الرسالة ، وبتكذيب الأمم إياهم . 
ذكر من قال ما حكينا قوله من القول الآخر : 
حدثنا محمد بن الحسين  قال : ثنا أحمد بن المفضل  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( وجيء بالنبيين والشهداء   ) : الذين استشهدوا في طاعة الله . 
وقوله : ( وقضي بينهم بالحق   ) يقول - تعالى ذكره - : وقضي بين النبيين وأممها بالحق ، وقضاؤه بينهم بالحق ، أن لا يحمل على أحد ذنب غيره ، ولا يعاقب نفسا إلا بما كسبت . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					