القول في تأويل قوله تعالى : ( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون    ( 82 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : أفلم يسر يا محمد  هؤلاء المجادلون في آيات الله من مشركي قومك في البلاد ، فإنهم أهل سفر إلى الشام  واليمن ،  رحلتهم في الشتاء والصيف ، فينظروا فيما وطئوا من البلاد إلى وقائعنا بمن أوقعنا به من الأمم قبلهم ، ويروا ما أحللنا بهم من بأسنا بتكذيبهم رسلنا ، وجحودهم آياتنا ، كيف كان عقبى تكذيبهم ( كانوا أكثر منهم   ) يقول : كان أولئك الذين من قبل هؤلاء المكذبيك من قريش  أكثر عددا من هؤلاء وأشد بطشا ، وأقوى قوة ، وأبقى في الأرض آثارا ، لأنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتا ويتخذون مصانع . 
وكان مجاهد  يقول في ذلك ما حدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد   ( وآثارا في الأرض   ) المشي بأرجلهم .  [ ص: 422 ]  ( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون   ) يقول : فلما جاءهم بأسنا وسطوتنا ، . لم يغن عنهم ما كانوا يعملون من البيوت في الجبال ، ولم يدفع عنهم ذلك شيئا . ولكنهم بادوا جميعا فهلكوا . وقد قيل : إن معنى قوله : ( فما أغنى عنهم   ) فأي شيء أغنى عنهم؛ وعلى هذا التأويل يجب أن يكون " ما " الأولى في موضع نصب ، والثانية في موضع رفع . يقول : فلهؤلاء المجادليك من قومك يا محمد  في أولئك معتبر إن اعتبروا ، ومتعظ إن اتعظوا ، وإن بأسنا إذا حل بالقوم المجرمين لم يدفعه دافع ، ولم يمنعه مانع ، وهو بهم إن لم ينيبوا إلى تصديقك واقع . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					