[ ص: 479 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز    ( 41 ) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد   ( 42 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : إن الذين جحدوا هذا القرآن وكذبوا به لما جاءهم ، وعنى بالذكر القرآن . 
كما حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم   ) كفروا بالقرآن  . 
وقوله : ( وإنه لكتاب عزيز   ) يقول - تعالى ذكره - : وإن هذا الذكر لكتاب عزيز بإعزاز الله إياه ، وحفظه من كل من أراد له تبديلا أو تحريفا ، أو تغييرا ، من إنسي وجني وشيطان مارد . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : ( وإنه لكتاب عزيز   ) يقول : أعزه الله لأنه كلامه ، وحفظه من الباطل  . 
حدثنا محمد بن الحسين  قال : ثنا أحمد بن المفضل  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( وإنه لكتاب عزيز   ) قال : عزيز من الشيطان  . 
وقوله : ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه   ) اختلف أهل التأويل في تأويله فقال بعضهم : معناه : لا يأتيه النكير من بين يديه ولا من خلفه . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا أبوكريب  قال : ثنا ابن يمان  ، عن أشعث  ، عن جعفر  ، عن سعيد   ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه   ) قال : النكير من بين يديه ولا من خلفه  .  [ ص: 480 ] 
وقال آخرون : معنى ذلك : لا يستطيع الشيطان أن ينقص منه حقا ، ولا يزيد فيه باطلا قالوا : والباطل هو الشيطان . 
وقوله : ( من بين يديه   ) من قبل الحق ( ولا من خلفه   ) من قبل الباطل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة   ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه   ) الباطل : إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا ، ولا يزيد فيه باطلا  . 
وقال آخرون : معناه : إن الباطل لا يطيق أن يزيد فيه شيئا من الحروف ولا ينقص ، منه شيئا منها . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا محمد بن الحسين  قال : ثنا أحمد بن المفضل  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه   ) قال : الباطل : هو الشيطان لا يستطيع أن يزيد فيه حرفا ولا ينقص  . 
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال : معناه : لا يستطيع ذو باطل بكيده تغييره بكيده ، وتبديل شيء من معانيه عما هو به ، وذلك هو الإتيان من بين يديه ، ولا إلحاق ما ليس منه فيه ، وذلك إتيانه من خلفه . 
وقوله : ( تنزيل من حكيم حميد   ) يقول - تعالى ذكره - : هو تنزيل من عند ذي حكمة بتدبير عباده ، وصرفهم فيما فيه مصالحهم ، ( حميد ) يقول : محمود على نعمه عليهم بأياديه عندهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					