القول في تأويل قوله تعالى : ( سيهديهم ويصلح بالهم    ( 5 ) ويدخلهم الجنة عرفها لهم   ( 6 ) يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم   ( 7 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : سيوفق الله - تعالى ذكره - للعمل بما يرضى ويحب ، هؤلاء  [ ص: 160 ] الذين قاتلوا في سبيله ، ( ويصلح بالهم   ) ويصلح أمرهم وحالهم في الدنيا والآخرة ( ويدخلهم الجنة عرفها لهم   ) يقول : ويدخلهم الله جنته عرفها ، يقول : عرفها وبينها لهم ، حتى إن الرجل ليأتي منزله منها إذا دخلها كما كان يأتي منزله في الدنيا ، لا يشكل عليه ذلك . 
كما حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور ،  عن معمر ،  عن قتادة ،  عن  أبي سعيد الخدري  قال : " إذا نجى الله المؤمنين من النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فاقتص بعضهم من بعض مظالم كثيرة كانت بينهم في الدنيا ، ثم يؤذن لهم بالدخول في الجنة ، قال : فما كان المؤمن بأدل بمنزله في الدنيا منه بمنزله في الجنة حين يدخلها" . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله ( ويدخلهم الجنة عرفها لهم   ) قال : أي منازلهم فيها . 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  ، وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قوله ( ويدخلهم الجنة عرفها لهم   ) قال : يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم ، وحيث قسم الله لهم لا يخطئون ، كأنهم سكانها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( ويدخلهم الجنة عرفها لهم   ) قال : بلغنا عن غير واحد قال : يدخل أهل الجنة الجنة ، ولهم أعرف بمنازلهم فيها من منازلهم في الدنيا التي يختلفون إليها في عمر الدنيا; قال : فتلك قول الله - جل ثناؤه - ( ويدخلهم الجنة عرفها لهم   )  . 
وقوله ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم   ) يقول - تعالى ذكره - : يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ، إن تنصروا الله ينصركم بنصركم رسوله محمدا   - صلى الله عليه وسلم - على أعدائه من أهل الكفر به وجهادكم إياهم معه لتكون كلمته العليا ينصركم عليهم ، ويظفركم بهم ، فإنه ناصر دينه وأولياءه .  [ ص: 161 ] 
كما حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله ( إن تنصروا الله ينصركم   ) لأنه حق على الله أن يعطي من سأله ، وينصر من نصره . 
وقوله ( ويثبت أقدامكم   ) يقول : ويقوكم عليهم ، ويجرئكم ، حتى لا تولوا عنهم ، وإن كثر عددهم ، وقل عددكم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					