القول في تأويل قوله تعالى : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون    ( 17 ) وبالأسحار هم يستغفرون    ( 18 ) وفي أموالهم حق للسائل والمحروم   ( 19 ) ) 
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال بعضهم : معناه كانوا قليلا من الليل لا يهجعون ، وقالوا : " ما " بمعنى الجحد .  [ ص: 407 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن بشار  وابن المثنى  قالا ثنا يحيى بن سعيد   وابن أبي عدي  ، عن  سعيد بن أبي عروبة  ، عن قتادة  ، عن أنس بن مالك   ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : يتيقظون يصلون ما بين هاتين الصلاتين ، ما بين المغرب والعشاء . 
حدثني زريق بن الشحب  قال : ثنا عبد الوهاب بن عطاء  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  ، عن أنس  ، بنحوه . 
حدثنا ابن بشار  وابن المثنى  قالا : ثنا أبو داود  قال : ثنا بكير بن أبي السمط  ، عن قتادة  ، عن محمد بن علي  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة . 
قالا : ثنا محمد بن جعفر  قال : ثنا شعبة  ، عن قتادة  ، عن مطرف  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : قل ليلة أتت عليهم إلا صلوا فيها . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قال : قال مطرف بن عبد الله  في قوله : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قل ليلة تأتي عليهم لا يصلون فيها لله . إما من أولها ، وإما من وسطها . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا ابن يمان  قال : ثنا  ابن أبي ليلى  ، عن المنهال  ، عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس   ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : لم يكن يمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئا . 
قال : ثنا ابن يمان  ، عن  أبي جعفر الرازي  ، عن الربيع بن أنس  ، عن أبي العالية  قال : كانوا يصيبون فيها حظا . 
حدثني علي بن سعيد الكندي  قال : ثنا حفص بن عاصم  ، عن أبي العالية  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : لا ينامون بين  [ ص: 408 ] المغرب والعشاء . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا حكام  ومهران  ، عن أبي جعفر  ، عن الربيع   ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : كانوا يصيبون من الليل حظا . 
حدثني يعقوب  قال : ثنا  ابن علية  ، عن  سعيد بن أبي عروبة  ، عن مطرف  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : قل ليلة أتت عليهم هجعوها كلها . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : كان لهم قليل من الليل ما يهجعون ، كانوا يصلونه . 
حدثني يعقوب  قال : ثنا  ابن علية  قال : سمعت ابن أبي نجيح  ، يقول في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : كانوا قليلا ما ينامون ليلة حتى الصباح . 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  ، وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : قليل ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : كانوا قليلا من الليل يهجعون ، ووجهوا " ما " - التي في قوله ( ما يهجعون   ) إلى أنها صلة . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا  ابن المثنى  قال : ثنا محمد بن جعفر  قال : ثنا شعبة  ، عن قتادة  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : قال الحسن   : كابدوا قيام الليل . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قال : كان  [ ص: 409 ] الحسن  يقول : لا ينامون منه إلا قليلا . 
حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : ثنا  ابن علية  ، عن بعض أصحابنا ، عن الحسن  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : لا ينامون من الليل إلا أقله . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا عبد الوهاب  قال : ثنا عوف  ، عن سعيد بن أبي الحسن  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : قل ليلة أتت عليهم هجوعا . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قال : قال  الأحنف بن قيس  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : كانوا لا ينامون إلا قليلا . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا أبو داود  قال : ثنا الحكم بن عطية  ، عن قتادة  قال : قال  الأحنف بن قيس  ، وقرأ هذه الآية ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : لست من أهل هذه الآية . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا ابن أبي عدي  ، عن سعيد ،  عن قتادة  ، عن الحسن  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : قيام الليل . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا ابن يمان  ، عن سفيان  ، عن يونس  ، عن الحسن  قال : نشطوا فمدوا إلى السحر . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن يونس بن عبيد  ، عن الحسن  قال : مدوا في الصلاة ونشطوا ، حتى كان الاستغفار بسحر . 
قال : ثنا مهران  ، عن  سعيد بن أبي عروبة  ، عن قتادة  ، عن الحسن  قال : كانوا لا ينامون من الليل إلا قليلا . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : كان الحسن   والزهري  يقولان : كانوا كثيرا  [ ص: 410 ] من الليل ما يصلون . وقد يجوز أن تكون " ما " على هذا التأويل في موضع رفع ، ويكون تأويل الكلام : كانوا قليلا من الليل هجوعهم; وأما من جعل " ما " صلة ، فإنه لا موضع لها; ويكون تأويل الكلام على مذهبه كانوا يهجعون قليل الليل ، وإذا كانت " ما " صلة كان القليل منصوبا ب" يهجعون " . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا جرير  ، عن منصور  ، عن إبراهيم   ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : ما ينامون . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : كانوا يصلون العتمة ، وعلى هذا التأويل ( ما ) في معنى الجحد . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن بشار  وابن المثنى  قالا : ثنا محمد بن جعفر  قال : ثنا شعبة  ، عن قتادة  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : قال رجل من أهل مكة   : سماه قتادة ، قال : صلاة العتمة . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : كان هؤلاء المحسنون قبل أن تفرض عليهم الفرائض قليلا من الناس ، وقالوا الكلام بعد قوله ( إنهم كانوا قبل ذلك محسنين   ) كانوا قليلا مستأنف بقوله ( من الليل ما يهجعون   ) فالواجب أن تكون " ما " على هذا التأويل بمعنى الجحد . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا  يحيى بن واضح  قال : ثنا عبيد  ، عن الضحاك  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) يقول : إن المحسنين كانوا قليلا ثم ابتدئ فقيل ( من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون   ) كما قال ( والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون   ) ثم قال : ( والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم   ) . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا عبد الرحمن  قال : ثنا سفيان  ، عن الزبير  ،  [ ص: 411 ] عن الضحاك بن مزاحم   ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : كانوا من الناس قليلا . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا ابن يمان  ، عن سفيان  ، عن  الزبير بن عدي  ، عن الضحاك بن مزاحم  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : كانوا قليلا من الناس من يفعل ذلك . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن  الزبير بن عدي  ، عن الضحاك بن مزاحم   ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : كانوا قليلا من الناس إذ ذاك . 
حدثت عن الحسين  قال : سمعت أبا معاذ  يقول : أخبرنا عبيد  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال الله ( إن المتقين في جنات وعيون   ) . . . إلى ( محسنين   ) كانوا قليلا يقول : المحسنون كانوا قليلا ، هذه مفصولة ، ثم استأنف فقال ( من الليل ما يهجعون   ) . 
وأما قوله ( يهجعون ) فإنه يعني : ينامون ، والهجوع : النوم . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني علي  قال : ثنا أبو صالح  قال : ثني معاوية  ، عن علي  ، عن ابن عباس   ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) يقول : ينامون . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا عبد الرحمن  قال : ثنا سفيان  ، عن منصور  ، عن إبراهيم   ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : ينامون . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن منصور  ، عن إبراهيم  ، مثله . 
حدثت عن الحسين  قال : سمعت أبا معاذ  ، يقول : ثنا عبيد  قال : سمعت  [ ص: 412 ] الضحاك  يقول في قوله ( من الليل ما يهجعون   ) الهجوع : النوم . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قال : كانوا قليلا ما ينامون من الليل ، قال : ذاك الهجع . قال : والعرب تقول : إذا سافرت اهجع بنا قليلا . قال : وقال رجل من بني تميم  لأبي : يا أبا أسامة  صفة لا أجدها فينا ، ذكر الله تبارك وتعالى قوما فقال : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) ونحن والله قليلا من الليل ما نقوم ; قال : فقال أبي طوبى لمن رقد إذا نعس; وألقى الله إذا استيقظ . 
وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   ) قول من قال : كانوا قليلا من الليل هجوعهم ، لأن الله تبارك وتعالى وصفهم بذلك مدحا لهم ، وأثنى عليهم به ، فوصفهم بكثرة العمل ، وسهر الليل ، ومكابدته فيما يقربهم منه ويرضيه عنهم أولى وأشبه من وصفهم من قلة العمل ، وكثرة النوم ، مع أن الذي اخترنا في ذلك هو أغلب المعاني على ظاهر التنزيل . 
وقوله ( وبالأسحار هم يستغفرون   ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معناه : وبالأسحار يصلون . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثت عن الحسين  قال : سمعت أبا معاذ  يقول : أخبرنا عبيد  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( وبالأسحار هم يستغفرون   ) يقول : يقومون فيصلون ، يقول : كانوا يقومون وينامون ، كما قال الله لمحمد   - صلى الله عليه وسلم - ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه   ) فهذا نوم ، وهذا قيام ( وطائفة من الذين معك   ) كذلك يقومون ثلثا ونصفا وثلثين : يقول : ينامون ويقومون . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن  جبلة بن سحيم  ، عن ابن عمر  قوله ( وبالأسحار هم يستغفرون   ) قال : يصلون .  [ ص: 413 ] 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  ، وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   ( وبالأسحار هم يستغفرون   ) قال : يصلون . 
وقال آخرون : بل عنى بذلك أنهم أخروا الاستغفار من ذنوبهم إلى السحر . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن يونس بن عبيد  ، عن الحسن  قال : مدوا في الصلاة ونشطوا ، حتى كان الاستغفار بسحر . 
حدثنا يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( وبالأسحار هم يستغفرون   ) قال : هم المؤمنون ، قال : وبلغنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يعقوب  حين سألوه أن يستغفر لهم ( يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا   - قال سوف أستغفر لكم ربي   ) قال : قال بعض أهل العلم : إنه أخر الاستغفار إلى السحر . قال : وذكر بعض أهل العلم أن الساعة التي تفتح فيها أبواب الجنة : السحر . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : سمعت ابن زيد  يقول : السحر : هو السدس الأخير من الليل . 
وقوله ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم   ) يقول - تعالى ذكره - : وفي أموال هؤلاء المحسنين الذين وصف صفتهم حق لسائلهم المحتاج إلى ما في أيديهم والمحروم . 
وبنحو الذي قلنا في معنى السائل ، قال أهل التأويل ، وهم في معنى المحروم مختلفون ، فمن قائل : هو المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن أبي إسحاق  ، عن  [ ص: 414 ] قيس بن كركم  ، عن ابن عباس  سألته عن السائل والمحروم ، قال : السائل : الذي يسأل الناس ، والمحروم : الذي ليس له في الإسلام سهم وهو محارف . 
حدثني محمد بن سعد  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس  قوله ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم   ) قال : المحروم : المحارف . 
حدثنا سهل بن موسى الرازي  قال : ثنا  وكيع  ، عن إسرائيل  ، عن أبي إسحاق  ، عن قيس بن كركم  ، عن ابن عباس  قال : السائل : السائل . والمحروم : المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم . 
حدثنا سهل بن موسى  قال : ثنا  وكيع  ، عن سفيان  ، عن أبي إسحاق  ، عن قيس بن كركم  ، عن ابن عباس  قال : المحروم : المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم . 
حدثنا حميد بن مسعدة  قال : ثنا  يزيد بن زريع  قال : ثنا شعبة  عن أبي إسحاق  ، عن قيس بن كركم  ، عن ابن عباس  في هذه الآية ( للسائل والمحروم   ) قال : السائل : الذي يسأل ، والمحروم : المحارف . 
حدثنا  ابن المثنى  قال : ثنا محمد بن جعفر  قال : ثنا شعبة  قال : سمعت أبا إسحاق  يحدث عن قيس بن كركم  ، عن ابن عباس  ، بنحوه . 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  ، عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  في قول : الله تبارك وتعالى : المحروم ، قال : المحارف . 
وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  ، عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  ، مثله . 
حدثت عن الحسين  قال : سمعت أبا معاذ  يقول : أخبرنا عبيد  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( والمحروم ) : هو الرجل المحارف الذي لا يكون له مال إلا ذهب ، قضى الله له ذلك .  [ ص: 415 ] 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا عبد الرحمن  قال : ثنا سفيان  ، عن أبي إسحاق  ، عن قيس بن كركم  قال : سألت ابن عباس  عن قوله ( للسائل والمحروم   ) قال : السائل : الذي يسأل ، والمحروم : المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم . 
حدثني محمد بن عمرو المقدمي  قال : ثنا قريش بن أنس  ، عن سليمان  ، عن قتادة  ، عن  سعيد بن المسيب   : المحروم : المحارف . 
حدثنا  ابن المثنى  قال : ثنا محمد بن جعفر  قال : ثنا شعبة  ، عن منصور  ، عن إبراهيم  قال في المحروم : هو المحارف الذي ليس له أحد يعطف عليه ، أو يعطيه شيئا . 
حدثني  ابن المثنى  قال : ثني  وهب بن جرير  قال : ثنا شعبة  ، عن عاصم  ، عن أبي قلابة  قال : جاء سيل باليمامة  ، فذهب بمال رجل ، فقال رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : هذا المحروم . 
حدثني يعقوب  قال : ثنا  ابن علية  قال : أخبرنا أيوب  ، عن نافع  قال : المحروم : المحارف . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : ثني  مسلم بن خالد  ، عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  ، عن ابن عباس  قال : المحروم : المحارف . 
حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : ثنا هشيم  قال : أخبرنا حجاج  ، عن الوليد بن العيزار  عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس  أنه قال : المحروم : هو المحارف . 
حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : ثنا هشيم  ، عن أبي بشر  قال : سألت سعيد بن جبير  عن المحروم ، فلم يقل فيه شيئا ، فقال عطاء   : هو المحدود المحارف . 
ومن قائل : هو المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا .  [ ص: 416 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : أخبرني نافع بن يزيد  ، عن عمرو بن الحارث  ، عن بكير بن الأشج ، عن سعيد بن المسيب ، أنه سئل عن المحروم فقال : المحارف . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم   ) هذان فقيرا أهل الإسلام ، سائل يسأل في كفه ، وفقير متعفف ، ولكليهما عليك حق يا ابن آدم . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا محمد بن ثور  ، عن معمر  ، عن الزهري   ( للسائل والمحروم   ) قال : السائل : الذي يسأل ، والمحروم : المتعفف الذي لا يسأل . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  قال : قال معمر  ، وحدثني الزهري  ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان ، قالوا : فمن المسكين يا رسول الله؟ قال : الذي لا يجد غنى ، ولا يعلم بحاجته فيتصدق عليه فذلك المحروم  " . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  في قوله ( للسائل والمحروم   ) قال : السائل الذي يسأل بكفه ، والمحروم : المتعفف ، ولكليهما عليك حق يا ابن آدم . 
وقائل : هو الذي لا سهم له في الغنيمة . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا عبد الرحمن  قال : ثنا سفيان  ، عن  قيس بن مسلم  ، عن الحسن بن محمد  ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية ، فغنموا ، فجاء قوم يشهدون الغنيمة ، فنزلت هذه الآية : ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم   ) . 
 [ ص: 417 ] حدثنا أبو كريب  قال : ثنا ابن أبي زائدة  ، عن سفيان  ، عن قيس بن مسلم الجدلي  ، عن الحسن بن محمد  قال : بعثت سرية فغنموا ، ثم جاء قوم من بعدهم ، قال : فنزلت ( للسائل والمحروم   ) . 
حدثنا  ابن المثنى  قال : ثنا محمد بن جعفر  قال : ثنا شعبة  ، عن الحكم  ، عن إبراهيم  أن أناسا قدموا على علي  رضي الله عنه الكوفة بعد وقعة الجمل ، فقال : اقسموا لهم ، قال : هذا المحروم . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا أبو نعيم  ، عن سفيان  ، عن  قيس بن مسلم  ، عن الحسن بن محمد  أن قوما في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابوا غنيمة ، فجاء قوم بعد ، فنزلت ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم    ) . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا حكام  قال : ثنا عمرو  ، عن منصور  ، عن إبراهيم  قال : المحروم : الذي لا فيء له في الإسلام ، وهو محارف من الناس . 
قال : ثنا جرير  ، عن منصور  ، عن إبراهيم  قوله ( للسائل والمحروم   ) قال : المحروم : الذي لا يجري عليه شيء من الفيء ، وهو محارف من الناس . 
وقائل : هو الذي لا ينمى له مال . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني أبو السائب  قال : ثنا ابن إدريس  ، عن حصين  قال : سألت عكرمة  ، عن السائل والمحروم ؟ قال : السائل : الذي يسألك ، والمحروم : الذي لا ينمى له مال . 
وقائل : هو الذي قد ذهب ثمره وزرعه . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم   ) قال : المحروم : المصاب ثمره وزرعه ،  [ ص: 418 ] وقرأ ( أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه   ) . . حتى بلغ ( بل نحن محرومون   ) وقال أصحاب الجنة : ( إنا لضالون بل نحن محرومون   ) . 
حدثنا يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : أخبرني  عبد الله بن عياش  قال : قال  زيد بن أسلم  في قول الله ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم   ) قال : ليس ذلك بالزكاة ، ولكن ذلك مما ينفقون من أموالهم بعد إخراج الزكاة ، والمحروم : الذي يصاب زرعه أو ثمره أو نسل ماشيته ، فيكون له حق على من لم يصبه ذلك من المسلمين ، كما قال لأصحاب الجنة حين أهلك جنتهم قالوا ( بل نحن محرومون   ) وقال أيضا : ( لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون إنا لمغرمون بل نحن محرومون   ) . 
وكان الشعبي  يقول في ذلك ما حدثني يعقوب  قال : ثنا  ابن علية  ، عن ابن عون  قال : قال الشعبي   : أعياني أن أعلم ما المحروم . 
والصواب من القول في ذلك عندي أنه الذي قد حرم الرزق واحتاج ، وقد يكون ذلك بذهاب ماله وثمره ، فصار ممن حرمه الله ذلك ، وقد يكون بسبب تعففه وتركه المسألة ، ويكون بأنه لا سهم له في الغنيمة لغيبته عن الوقعة ، فلا قول في ذلك أولى بالصواب من أن تعم ، كما قال جل ثناؤه ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم   ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					