القول في تأويل قوله تعالى : ( أفتمارونه على ما يرى    ( 12 ) ولقد رآه نزلة أخرى   ( 13 ) عند سدرة المنتهى   ( 14 ) عندها جنة المأوى   ( 15 ) إذ يغشى السدرة ما يغشى   ( 16 ) )  [ ص: 510 ] 
اختلفت القراء في قراءة ( أفتمارونه ) ، فقرأ ذلك  عبد الله بن مسعود  وعامة أصحابه " أفتمرونه " بفتح التاء بغير ألف ، وهي قراءة عامة أهل الكوفة  ، ووجهوا تأويله إلى أفتجحدونه . 
حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : ثنا هشيم  قال : أخبرنا مغيرة  ، عن إبراهيم  أنه كان يقرأ : " أفتمرونه " بفتح التاء بغير ألف ، يقول : أفتجحدونه ، ومن قرأ ( أفتمارونه ) قال : أفتجادلونه . وقرأ ذلك عامة قراء المدينة  ومكة  والبصرة  وبعض الكوفيين ( أفتمارونه ) بضم التاء والألف ، بمعنى : أفتجادلونه . 
والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، وذلك أن المشركين قد جحدوا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ما أراه الله ليلة أسري به وجادلوا في ذلك ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب . 
وتأويل الكلام : أفتجادلون أيها المشركون محمدا  على ما يرى مما أراه الله من آياته . 
وقوله ( ولقد رآه نزلة أخرى   ) يقول : لقد رآه مرة أخرى . 
واختلف أهل التأويل في الذي رأى محمد  نزلة أخرى نحو اختلافهم في قوله : ( ما كذب الفؤاد ما رأى   ) . 
ذكر بعض ما روي في ذلك من الاختلاف . 
ذكر من قال فيه رأى جبريل  عليه السلام : 
حدثنا  محمد بن المثنى  قال : ثنا عبد الوهاب الثقفي  قال : ثنا داود  ،  [ ص: 511 ] عن عامر  ، عن مسروق  ، عن عائشة  ، أن عائشة  قالت : يا أبا عائشة  من زعم أن محمدا  رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله   ; قال : وكنت متكئا ، فجلست ، فقلت : يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني ، أرأيت قول الله ( ولقد رآه نزلة أخرى  ، ولقد رآه بالأفق المبين   ) قالت : إنما هو جبريل  رآه مرة على خلقه وصورته التي خلق عليها ، ورآه مرة أخرى حين هبط من السماء إلى الأرض سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض ، قالت : أنا أول من سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية ، قال : " هو جبريل  عليه السلام  " . 
حدثنا  ابن المثنى  قال : ثنا ابن أبي عدي  وعبد الأعلى  ، عن داود  ، عن عامر  ، عن مسروق  ، عن عائشة  بنحوه . 
حدثنا  يزيد بن هارون  قال : أخبرنا داود  ، عن الشعبي  ، عن مسروق  قال : كنت عند عائشة  ، فذكر نحوه . 
حدثنا ابن وكيع  قال : ثنا عبد الأعلى  ، عن داود  ، عن الشعبي  ، عن مسروق ،  عن عائشة  رضي الله عنها قالت له : يا أبا عائشة  ، من زعم أن محمدا  رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله ، والله يقول : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار   ) - ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب   ) قال : وكنت متكئا ، فجلست وقلت : يا أم المؤمنين انتظري ولا تعجلي؛ ألم يقل الله ( ولقد رآه نزلة أخرى   ) - ( ولقد رآه بالأفق المبين   ) فقالت : أنا أول هذه الأمة سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فقال : " لم أر جبريل  على صورته إلا هاتين المرتين منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض  " . 
حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : ثنا  ابن علية  قال : أخبرنا  داود بن أبي هند  ، عن الشعبي ،  عن مسروق  قال : كنت متكئا عند عائشة  ، فقالت : يا أبا عائشة  ، ثم ذكر نحوه . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران ،  عن سفيان  ، عن أبي إسحاق  ، عن عبد الرحمن بن يزيد  ، عن ابن مسعود   ( ولقد رآه نزلة أخرى   ) قال : رأى جبريل  في رفرف  [ ص: 512 ] قد ملأ ما بين السماء والأرض  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن قيس بن وهب  ، عن مرة ،  عن ابن مسعود   ( ولقد رآه نزلة أخرى   ) قال : رأى جبريل  في وبر رجليه كالدر ، مثل القطر على البقل  . 
حدثني الحسين بن علي الصدائي  قال : ثنا أبو أسامة  ، عن سفيان  ، عن قيس بن وهب  ، عن مرة  فى قوله ( ولقد رآه نزلة أخرى   ) ثم ذكر نحوه . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا مؤمل  قال : ثنا سفيان ،  عن سلمة بن كهيل  ، عن مجاهد   ( ولقد رآه نزلة أخرى   ) قال : رأى جبريل  في صورته مرتين  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن سلمة بن كهيل الحضرمي  ، عن مجاهد  قال : رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريل  عليه السلام في صورته مرتين  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن أبي جعفر  ، عن الربيع   ( ولقد رآه نزلة أخرى   ) قال : جبريل  عليه السلام  . 
حدثنا عبد الحميد بن بيان  قال : ثنا محمد بن يزيد  ، عن إسماعيل  ، عن عامر  قال : ثني  عبد الله بن الحارث بن نوفل  ، عن كعب  أنه أخبره أن الله تبارك وتعالى قسم رؤيته وكلامه بين موسى  ومحمد  ، فكلمه موسى  مرتين ، ورآه محمد  مرتين ، قال : فأتى مسروق  عائشة  ، فقال : يا أم المؤمنين ، هل رأى محمد  ربه ، فقالت : سبحان الله لقد قف شعري لما قلت : أين أنت من ثلاثة من حدثك بهن فقد كذب ، من أخبرك أن محمدا  رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت  [ ص: 513 ]  ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير   ) ، ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب   ) ومن أخبرك ما في غد فقد كذب ، ثم تلت آخر سورة لقمان ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت   ) ومن أخبرك أن محمدا  كتم شيئا من الوحي فقد كذب ، ثم قرأت ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك   ) قالت : ولكنه رأى جبريل  عليه السلام في صورته مرتين  . 
حدثنا موسى بن عبد الرحمن  قال : ثنا أبو أسامة  قال : ثني إسماعيل  ، عن عامر  قال : ثنا  عبد الله بن الحارث بن نوفل  قال : سمعت كعبا  ، ثم ذكر نحو حديث عبد الحميد بن بيان  ، غير أنه قال في حديثه فرآه محمد  مرة ، وكلمه موسى  مرتين . 
ذكر من قال فيه : رأى ربه عز وجل . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا عمرو بن حماد  قال : ثنا أسباط  ، عن سماك  عن عكرمة  ، عن ابن عباس  أنه قال ( ولقد رآه نزلة أخرى   ) قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه بقلبه ، فقال له رجل عند ذلك : أليس ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار   ) ؟ قال له عكرمة   : أليس ترى السماء ؟ قال : بلى ، أفكلها ترى؟  . 
حدثنا سعيد بن يحيى  قال : ثنا أبي ، قال : ثنا محمد بن عمرو  ، عن أبي سلمة  ، عن ابن عباس  في قول الله ( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى   ) قال : دنا ربه فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى; قال : قال ابن عباس  قد رآه النبي - صلى الله عليه وسلم  - . 
وقوله ( عند سدرة المنتهى   ) يقول - تعالى ذكره - : ولقد رآه عند سدرة المنتهى ، ف" عند " من صلة قوله ( رآه ) والسدرة : شجرة النبق . 
وقيل لها سدرة المنتهى في قول بعض أهل العلم من أهل التأويل ، لأنه إليها ينتهي علم كل عالم . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا يعقوب  ، عن حفص بن حميد  ، عن شمر  قال : جاء ابن عباس  إلى كعب الأحبار  ، فقال له : حدثني عن قول الله  [ ص: 514 ]  ( عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى   ) فقال كعب   : إنها سدرة في أصل العرش ، إليها ينتهي علم كل عالم ، ملك مقرب ، أو نبي مرسل ، ما خلفها غيب ، لا يعلمه إلا الله  . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال أخبرني جرير بن حازم  ، عن الأعمش  ، عن شمر بن عطية  ، عن هلال بن يساف  قال : سأل ابن عباس  كعبا  ، عن سدرة المنتهى وأنا حاضر ، فقال كعب   : إنها سدرة على رءوس حملة العرش ، وإليها ينتهي علم الخلائق ، ثم ليس لأحد وراءها علم ، ولذلك سميت سدرة المنتهى ، لانتهاء العلم إليها  . 
وقال آخرون : قيل لها سدرة المنتهى ، لأنها ينتهي ما يهبط من فوقها ، ويصعد من تحتها من أمر الله إليها . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمارة  قال : ثنا سهل بن عامر  قال : ثنا مالك ،  عن الزبير ،  عن عدي  ، عن طلحة اليامي  ، عن مرة  ، عن عبد الله  قال : لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهي به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة ، إليها ينتهي من يعرج من الأرض أو من تحتها ، فيقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها ، فيقبض فيها  . 
حدثني جعفر بن محمد المروزي  قال : ثنا يعلى  ، عن الأجلح  قال : قلت للضحاك   : لم تسمى سدرة المنتهى؟  قال : لأنه ينتهي إليها كل شيء من أمر الله لا يعدوها  . 
وقال آخرون : قيل لها : سدرة المنتهى ، لأنه ينتهي إليها كل من كان على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنهاجه . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن أبي جعفر  ، عن الربيع   [ ص: 515 ]  ( عند سدرة المنتهى   ) ، قال : إليها ينتهي كل أحد ، خلا على سنة أحمد ،  فلذلك سميت المنتهى  . 
حدثني علي بن سهل  قال : ثنا حجاج  قال : ثنا أبو جعفر الرازي ،  عن الربيع بن أنس  ، عن أبي العالية الرياحي  ، عن  أبي هريرة  ، أو غيره " شك أبو جعفر الرازي   " قال : لما أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، انتهى إلى السدرة ، فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك  . 
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن معنى المنتهى الانتهاء ، فكأنه قيل : عند سدرة الانتهاء . وجائز أن يكون قيل لها سدرة المنتهى : لانتهاء علم كل عالم من الخلق إليها ، كما قال كعب   . وجائز أن يكون قيل ذلك لها ؛ لانتهاء ما يصعد من تحتها ، وينزل من فوقها إليها ، كما روي عن عبد الله   . وجائز أن يكون قيل ذلك كذلك لانتهاء كل من خلا من الناس على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها . وجائز أن يكون قيل لها ذلك لجميع ذلك ، ولا خبر يقطع العذر بأنه قيل ذلك لها لبعض ذلك دون بعض ، فلا قول فيه أصح من القول الذي قال ربنا جل جلاله ، وهو أنها سدرة المنتهى . 
وبالذي قلنا في أنها شجرة النبق تتابعت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال أهل العلم . 
ذكر ما في ذلك من الآثار ، وقول أهل العلم : 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا ابن أبي عدي  ، عن حميد  ، عن أنس بن مالك  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " انتهيت إلى السدرة فإذا نبقها مثل الجرار ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة فلما غشيها من أمر الله ما غشيها ، تحولت ياقوتا وزمردا ونحو ذلك  " . 
حدثنا  محمد بن المثنى  قال : ثنا ابن أبي عدي  ، عن سعيد  عن قتادة  ، عن أنس بن مالك  عن مالك بن صعصعة  رجل من قومه قال : قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " لما انتهيت إلى السماء السابعة أتيت على إبراهيم  فقلت : يا جبريل  من هذا؟  [ ص: 516 ] قال : هذا أبوك إبراهيم  ، فسلمت عليه ، فقال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، قال : ثم رفعت لي سدرة المنتهى فحدث نبي الله أن نبقها مثل قلال هجر ، وأن ورقها مثل آذان الفيلة  " . 
وحدثنا  ابن المثنى  قال : ثنا خالد بن الحارث  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  ، عن أنس بن مالك  عن مالك بن صعصعة  رجل من قومه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بنحوه . 
حدثنا  ابن المثنى  قال : ثنا  معاذ بن هشام  قال : ثني أبي ، عن قتادة  قال : ثنا أنس بن مالك  ، عن مالك بن صعصعة ،  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ، فذكر نحوه . 
حدثنا أحمد بن أبي سريج  قال : ثنا الفضل بن عنبسة  قال : ثنا حماد بن سلمة  ، عن ثابت البناني  ، عن أنس بن مالك  ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ركبت البراق ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى ، فإذا ورقها كآذان الفيلة ، وإذا ثمرها كالقلال ; قال : فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت ، فما أحد يستطيع أن يصفها من حسنها ، قال : فأوحى الله إلي ما أوحى  " . 
حدثنا أحمد بن أبي سريج  قال : ثنا أبو النضر  قال : ثنا  سليمان بن المغيرة  ، عن أنس  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عرج بي الملك ; قال : ثم انتهيت إلى السدرة وأنا أعرف أنها سدرة ، أعرف ورقها وثمرها ; قال : فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تحولت حتى ما يستطيع أحد أن يصفها  " . 
حدثنا محمد بن سنان القزاز  قال : ثنا يونس بن إسماعيل  قال : ثنا سليمان  ، عن ثابت  ، عن أنس  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله ، إلا أنه قال : " حتى ما أستطيع أن أصفها " . 
حدثنا علي بن سهل  قال : ثنا حجاج  قال : ثنا أبو جعفر الرازي  ، عن الربيع بن أنس  ، عن أبي العالية الرياحي  ، عن  أبي هريرة  أو غيره " شك أبو جعفر الرازي   " قال : لما أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى السدرة ، فقيل له :  [ ص: 517 ] هذه السدرة ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها ، والورقة منها تغطي الأمة كلها "  . 
وحدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن سلمة بن كهيل الحضرمي  ، عن الحسن العرني  ، أراه عن الهذيل بن شرحبيل  ، عن ابن مسعود   ( سدرة المنتهى   ) قال : من صبر الجنة عليها أو عليه فضول السندس والإستبرق ، أو جعل عليها فضول  . 
وحدثنا ابن حميد  مرة أخرى ، عن مهران  ، فقال : عن الحسن العرني  ، عن الهذيل  ، عن ابن مسعود   " ولم يشك فيه " ، وزاد فيه : قال صبر الجنة : يعني وسطها; وقال أيضا : عليها فضول السندس والإستبرق  . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا عبد الرحمن  قال : ثنا سفيان  ، عن سلمة بن كهيل  ، عن الحسن العرني  ، عن الهذيل بن شرحبيل  ، عن  عبد الله بن مسعود  في قوله ( سدرة المنتهى   ) قال : صبر الجنة عليها السندس والإستبرق  . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا  يونس بن بكير  ، عن محمد بن إسحاق  ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله  ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر  ، قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وذكر سدرة المنتهى ، فقال : يسير في ظل الفنن منها مئة راكب ، أو قال : يستظل في الفنن منها مئة راكب " ، شك يحيى   " ، فيها فراش الذهب ، كأن ثمرها القلال "  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن أبي جعفر  ، عن الربيع  ، عن سدرة المنتهى ، قال : السدرة : شجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها ، وإن ورقة منها غشت الأمة كلها  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة  في قوله ( عند سدرة المنتهى   ) : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " رفعت لي سدرة منتهاها  [ ص: 518 ] في السماء السابعة ، نبقها مثل قلال هجر ، وورقها مثل آذان الفيلة ، يخرج من ساقها نهران ظاهران ، ونهران باطنان ، قال : قلت لجبريل  ما هذان النهران أرواح قال : أما النهران الباطنان ففي الجنة ، وأما النهران الظاهران : فالنيل  والفرات   " . 
وقوله ( عندها جنة المأوى   ) يقول - تعالى ذكره - : عند سدرة المنتهى جنة مأوى الشهداء . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله ( عندها جنة المأوى   ) قال : هي يمين العرش ، وهي منزل الشهداء . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن داود  ، عن أبي العالية  عن ابن عباس   ( عندها جنة المأوى   ) قال : هو كقوله ( فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون   )  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة  في قوله ( عندها جنة المأوى   ) قال : منازل الشهداء  . 
وقوله ( إذ يغشى السدرة ما يغشى   ) يقول - تعالى ذكره - : ولقد رآه نزلة أخرى ; إذ يغشى السدرة ما يغشى ، ف" إذ " من صلة " رآه " . 
واختلف أهل التأويل في الذي يغشى السدرة ، فقال بعضهم : غشيها فراش الذهب . 
ذكر من قال ذلك :  [ ص: 519 ] 
حدثني محمد بن عمارة  قال : ثنا سهل بن عامر  قال : ثنا مالك  ، عن  الزبير بن عدي  ، عن طلحة اليامي  ، عن مرة  ، عن عبد الله   ( إذ يغشى السدرة ما يغشى   ) قال : غشيها فراش من ذهب . 
حدثني أبو السائب  قال : ثنا أبو معاوية  ، عن الأعمش ،  عن مسلم  أو طلحة   " شك الأعمش   " عن مسروق  في قوله : ( إذ يغشى السدرة ما يغشى   ) قال : غشيها فراش من ذهب  . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا أبو خالد  ، عن جويبر  ، عن الضحاك  ، عن ابن عباس  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رأيتها بعيني سدرة المنتهى حتى استثبتها ثم حال دونها فراش من ذهب  " . 
حدثنا ابن وكيع  قال : ثنا أبو خالد الأحمر  ، عن جويبر  ، عن الضحاك  ، عن ابن عباس   ( إذ يغشى السدرة ما يغشى   ) قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رأيتها حتى استثبتها ، ثم حال دونها فراش الذهب  " . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا جرير  ، عن مغيرة  ، عن مجاهد  وإبراهيم  في قوله ( إذ يغشى السدرة ما يغشى   ) قال : غشيها فراش من ذهب  . 
حدثنا ابن حميد  قال : : ثنا مهران  ، عن موسى ، يعني ابن عبيدة ،  عن يعقوب بن زيد  قال : " سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما رأيت يغشى السدرة ؟ قال : رأيتها يغشاها فراش من ذهب  " . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( إذ يغشى السدرة ما يغشى   ) قال : قيل له : يا رسول الله ، أي شيء رأيت يغشى تلك السدرة ؟ قال : رأيتها يغشاها فراش من ذهب ، ورأيت على كل ورقة من ورقها ملكا قائما يسبح الله  " . 
وقال آخرون : الذي غشيها رب العزة وملائكته . 
ذكر من قال ذلك :  [ ص: 520 ] 
حدثني محمد بن سعد  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : ( إذ يغشى السدرة ما يغشى   ) قال : غشيها الله ، فرأى محمد  من آيات ربه الكبرى  . 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى   ; وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قوله ( إذ يغشى السدرة ما يغشى   ) قال : كان أغصان السدرة لؤلؤا وياقوتا أو زبرجدا ، فرآها محمد  ، ورأى محمد  بقلبه ربه  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن أبي جعفر ،  عن الربيع   ( إذ يغشى السدرة ما يغشى   ) قال : غشيها نور الرب ، وغشيتها الملائكة من حب الله مثل الغربان حين يقعن على الشجر  " . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا حكام  ، عن أبي جعفر  ، عن الربيع  بنحوه . 
حدثنا علي بن سهل  قال : ثنا حجاج  قال : ثنا أبو جعفر الرازي  ، عن الربيع بن أنس  ، عن أبي العالية الرياحي  ، عن  أبي هريرة  أو غيره " شك أبو جعفر   " قال : لما أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى السدرة ، قال : فغشيها نور الخلاق ، وغشيتها الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجر ، قال : فكلمه عند ذلك ، فقال له : سل  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					