القول في تأويل قوله تعالى : ( أفمن هذا الحديث تعجبون    ( 59 ) وتضحكون ولا تبكون   ( 60 ) وأنتم سامدون   ( 61 ) فاسجدوا لله واعبدوا   ( 62 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - لمشركي قريش : أفمن هذا القرآن أيها الناس تعجبون ، أن نزل على محمد   - صلى الله عليه وسلم - ، وتضحكون منه استهزاء به ، ولا تبكون مما فيه من الوعيد لأهل معاصي الله ، وأنتم من أهل معاصيه ( وأنتم سامدون   ) يقول : وأنتم لاهون عما فيه من العبر والذكر ، معرضون عن آياته; يقال للرجل : دع عنا سمودك ، يراد به : دع عنا لهوك ، يقال منه : سمد فلان يسمد سمودا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة  [ ص: 559 ] عنه ، فقال بعضهم : غافلون . وقال بعضهم : مغنون . وقال بعضهم : مبرطمون . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : ثنا محمد بن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  قوله ( سامدون ) قال : هو الغناء ، كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا  ، وهي لغة أهل اليمن  ، قال اليماني : اسمد . 
حدثني علي  قال : ثنا أبو صالح  قال : ثني معاوية  ، عن علي  ، عن ابن عباس  قوله : ( سامدون ) يقول : لاهون . 
حدثني محمد بن سعد  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله ( وأنتم سامدون   ) يقول : لاهون  . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي  قال : ثنا سفيان  ، عن أبيه ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  قال : هي يمانية اسمد : تغن لنا . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا الأشجعي  ، عن سفيان  ، عن أبيه ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  قال : هو الغناء ، وهي يمانية ، يقولون : اسمد لنا : تغن لنا . 
قال : ثنا عبيد الله الأشجعي  ، عن سفيان  ، عن حكيم بن الديلم  ، عن الضحاك  ، عن ابن عباس   ( وأنتم سامدون   ) قال : كانوا يمرون على النبي - صلى الله عليه وسلم - شامخين ، ألم تروا إلى الفحل في الإبل عطنا شامخا . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا ابن أبى عدي  ، عن سعيد  ، عن قتادة  ، عن الحسن  في قوله : ( وأنتم سامدون   ) قال : غافلون . 
حدثنا أبو كريب  قال : ثنا ابن عيينة  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد   ( وأنتم سامدون   ) قال : كانوا يمرون على النبي - صلى الله عليه وسلم - غضابا مبرطمين . وقال  [ ص: 560 ] عكرمة   : هو الغناء بالحميرية  . 
قال : ثنا الأشجعي   ووكيع  ، عن سفيان  ، عن ابن أبى نجيح  ، عن مجاهد  قال : هي البرطمة . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا عبد الرحمن  قال : ثنا سفيان  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  قوله ( وأنتم سامدون   ) قال : البرطمة . 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى   ; وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  قوله ( وأنتم سامدون   ) قال : البرطمة  . 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  قال : السامدون : المغنون بالحميرية . 
حدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  ، ثنا ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  قال : كان عكرمة  يقول : السامدون يغنون بالحميرية ، ليس فيه ابن عباس   . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله ( سامدون ) : أي غافلون . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة  في قوله ( سامدون ) قال : غافلون . 
حدثت عن الحسين  قال : سمعت أبا معاذ  ، يقول : أخبرنا عبيد  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( وأنتم سامدون   ) السمود : اللهو واللعب . 
حدثنا حميد بن مسعدة  قال : ثنا  يزيد بن زريع  قال : ثنا  سفيان بن سعيد  ، عن فطر  ، عن أبي خالد الوالبي  ، عن علي  رضي الله عنه قال : رآهم قياما ينتظرون الإمام ، فقال : ما لكم سامدون  .  [ ص: 561 ] 
حدثني ابن سنان القزاز  قالا : ثنا أبو عاصم  ، عن عمران بن زائدة بن نشيط  ، عن أبيه ، عن أبي خالد  قال : خرج علينا علي  رضي الله عنه ونحن قيام ، فقال : مالي أراكم سامدين . 
قال : ثنا أبو عاصم  قال : أخبرنا سفيان  ، عن مطر  ، عن زائدة  ، عن أبي خالد  ، بمثله . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا ابن أبي عدي  ، عن سعيد  ، عن أبي معشر  ، عن إبراهيم  في قوله ( وأنتم سامدون   ) قال : قيام القوم قبل أن يجيء الإمام . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا عبد الرحمن  قال : ثنا سفيان  ، عن منصور  ، عن عمران الخياط  ، عن إبراهيم  في القوم ينتظرون الصلاة قياما; قال : كان يقال : ذاك السمود . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن أبي جعفر  ، عن ليث  والعزرمي  ، عن مجاهد   ( وأنتم سامدون   ) قال : البرطمة . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان  ، عن أبيه ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس   ( وأنتم سامدون   ) قال : الغناء باليمانية : اسمد لنا . 
حدثنا يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( وأنتم سامدون   ) قال : السامد : الغافل . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا جرير  ، عن منصور  ، عن إبراهيم  قال : كانوا يكرهون أن يقوموا إذا أقام المؤذن للصلاة ، وليس عندهم الإمام ، وكانوا يكرهون أن ينتظروه قياما ، وكان يقال : ذاك السمود ، أو من السمود  . 
وقوله ( فاسجدوا لله واعبدوا   ) يقول - تعالى ذكره - : فاسجدوا لله أيها الناس في صلاتكم دون من سواه من الآلهة والأنداد ، وإياه فاعبدوا دون غيره ، فإنه لا ينبغي أن تكون العبادة إلا له ، فأخلصوا له العبادة والسجود ، ولا تجعلوا له شريكا في عبادتكم إياه . 
آخر تفسير سورة النجم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					