القول في تأويل قوله تعالى : ( أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر    ( 43 ) أم يقولون نحن جميع منتصر   ( 44 ) سيهزم الجمع ويولون الدبر   ( 45 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - لكفار قريش  الذين أخبر الله عنهم أنهم ( وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر   ) أكفاركم معشر قريش  خير من أولئكم الذين  [ ص: 601 ] أحللت بهم نقمتي من قوم نوح  وعاد  وثمود  وقوم لوط  وآل فرعون  ، فهم يأملون أن ينجوا من عذابي ونقمي على كفرهم بي ، وتكذيبهم رسولي . يقول : إنما أنتم في كفركم بالله وتكذيبكم رسوله كبعض هذه الأمم التي وصفت لكم أمرهم . وعقوبة الله بكم نازلة على كفركم به ، كالذي نزل بهم إن لم تتوبوا وتنيبوا . 
كما حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله ( أكفاركم خير من أولئكم   ) : أي من مضى . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا  يحيى بن واضح  قال : ثنا الحسن  ، عن يزيد النحوي  ، عن عكرمة   ( أكفاركم خير من أولئكم   ) يقول : أكفاركم يا معشر قريش  خير من أولئكم الذين مضوا  . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( أكفاركم خير من أولئكم   ) يقول : أكفاركم خير من الكفار الذين عذبناهم على معاصي الله ، وهؤلاء الكفار خير من أولئك . وقال : ( أكفاركم خير من أولئكم   ) استنفاها  . 
حدثني محمد بن سعد  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله ( أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر   ) يقول : ليس كفاركم خيرا من قوم نوح  وقوم لوط . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن أبي جعفر  ، عن الربيع بن أنس   ( أكفاركم خير من أولئكم   ) قال : كفار هذه الأمة  . 
وقوله ( أم لكم براءة في الزبر   ) يقول - جل ثناؤه - : أم لكم براءة من عقاب الله معشر قريش  أن تصيبكم بكفركم بما جاءكم به الوحي من الله في الزبر ، وهي الكتب . 
كما حدثت عن الحسين  قال : سمعت أبا معاذ  يقول : أخبرنا  [ ص: 602 ] أبو عبيد  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( الزبر ) يقول : الكتب . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( أم لكم براءة في الزبر   ) في كتاب الله براءة مما تخافون  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا  يحيى بن واضح  قال : ثنا الحسين  ، عن يزيد  ، عن عكرمة   ( أم لكم براءة في الزبر   ) يعني في الكتب  . 
وقوله ( أم يقولون نحن جميع منتصر   ) يقول - تعالى ذكره - : أيقول هؤلاء الكفار من قريش   : نحن جميع منتصر ممن قصدنا بسوء ومكروه ، وأراد حربنا وتفريق جمعنا ، فقال الله - جل ثناؤه - : سيهزم الجمع يعني جمع كفار قريش   ( ويولون الدبر   ) يقول : ويولون أدبارهم المؤمنين بالله عند انهزامهم عنه . وقيل : الدبر ، فوحد والمراد به الجمع ، كما يقال : ضربنا منهم الرأس : أي ضربنا منهم الرءوس : إذ كان الواحد يؤدي عن معنى جمعه . ثم إن الله - تعالى ذكره - صدق وعده المؤمنين به فهزم المشركين به من قريش  يوم بدر  وولوهم الدبر . 
كما حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن أيوب  قال : لا أعلمه إلا عن عكرمة  أن عمر  قال لما نزلت ( سيهزم الجمع   ) جعلت أقول : أي جمع يهزم ؟ فلما كان يوم بدر  رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يثب في الدرع ويقول : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر   ) . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن أبي جعفر  ، عن الربيع بن أنس   ( سيهزم الجمع ويولون الدبر   ) قال : يوم بدر   . 
قال ثنا  يحيى بن واضح  قال : ثنا الحسين  ، عن يزيد  ، عن عكرمة  قوله ( سيهزم الجمع   ) يعني جمع بدر   ( ويولون الدبر   )  . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله ( سيهزم الجمع   ) . . . الآية ، ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر   [ ص: 603 ]  " هزموا وولوا الدبر  " . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( سيهزم الجمع ويولون الدبر   ) قال : هذا يوم بدر   . 
حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : ثنا  ابن علية  قال : ثنا أيوب  ، عن عكرمة  ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كان يثب في الدرع ويقول : هزم الجمع وولوا الدبر  " . 
حدثني إسحاق بن شاهين  قال : ثنا  خالد بن عبد الله  ، عن داود ،  عن علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس   ( سيهزم الجمع ويولون الدبر   ) قال : كان ذلك يوم بدر .  قال : قالوا نحن جمع منتصر ، قال : فنزلت هذه الآية . 
				
						
						
