القول في تأويل قوله تعالى : ( ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم    ( 5 ) ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد   ( 6 ) ) 
يقول تعالى ذكره لمشركي قريش   : ألم يأتكم أيها الناس خبر الذين كفروا من قبلكم ، وذلك كقوم نوح  وعاد  وثمود  وقوم إبراهيم  وقوم لوط   ( فذاقوا وبال أمرهم   ) فمسهم عذاب الله إياهم على كفرهم ( ولهم عذاب أليم ) يقول : ولهم عذاب مؤلم موجع يوم القيامة في نار جهنم ، مع الذي أذاقهم الله في الدنيا وبال كفرهم . 
وقوله : ( ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات   ) يقول جل ثناؤه :  [ ص: 418 ] هذا الذي نال الذين كفروا من قبل هؤلاء المشركين من وبال كفرهم ، والذي أعد لهم ربهم يوم القيامة من العذاب ، من أجل أنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات الذي أرسلهم إليهم ربهم بالواضحات من الأدلة والإعلام على حقيقة ما يدعونهم إليه ، فقالوا لهم : أبشر يهدوننا ، استكبارا منهم أن تكون رسل الله إليهم بشرا مثلهم واستكبارا عن اتباع الحق من أجل أن بشرا مثلهم دعاهم إليه ; وجمع الخبر عن البشر ، فقيل : يهدوننا ، ولم يقل : يهدينا ، لأن البشر ، وإن كان في لفظ الواحد ، فإنه بمعنى الجميع . 
وقوله : ( فكفروا وتولوا   ) يقول : فكفروا بالله ، وجحدوا رسالة رسله الذين بعثهم الله إليهم استكبارا ( وتولوا ) يقول : وأدبروا عن الحق فلم يقبلوه ، وأعرضوا عما دعاهم إليه رسلهم ( واستغنى الله   ) يقول : واستغنى الله عنهم ، وعن إيمانهم به وبرسله ، ولم تكن به إلى ذلك منهم حاجة ( والله غني حميد   ) يقول : والله غني عن جميع خلقه ، محمود عند جميعهم بجميل أياديه عندهم ، وكريم فعاله فيهم . 
				
						
						
