القول في تأويل قوله تعالى : ( فلا تطع المكذبين    ( 8 ) ودوا لو تدهن فيدهنون   ( 9 ) ولا تطع كل حلاف مهين   ( 10 ) هماز مشاء بنميم   ( 11 ) ) 
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( فلا تطع ) يا محمد   ( المكذبين   ) بآيات الله ورسوله ( ودوا لو تدهن فيدهنون   ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ود المكذبون بآيات الله لو تكفر بالله يا محمد  فيكفرون . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ،  قوله : ( لو تدهن فيدهنون   ) يقول : ودوا لو تكفر فيكفرون  . 
حدثت عن الحسين ،  قال : سمعت أبا معاذ  يقول : ثنا عبيد ،  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله : ( ودوا لو تدهن فيدهنون   ) قال : تكفر فيكفرون  . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا مهران ،  عن سفيان   : ( ودوا لو تدهن فيدهنون   ) قال : تكفر فيكفرون  . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ودوا لو ترخص لهم فيرخصون ، أو تلين في دينك فيلينون في دينهم .  [ ص: 533 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني علي ،  قال : ثنا أبو صالح ،  قال : ثني معاوية ،  عن علي ،  عن ابن عباس ،  قوله : ( ودوا لو تدهن فيدهنون   ) يقول : لو ترخص لهم فيرخصون  . 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى;  وحدثني الحارث ،   [ ص: 534 ] قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  قوله : ( ودوا لو تدهن فيدهنون   ) قال : لو تركن إلى آلهتهم ، وتترك ما أنت عليه من الحق فيمالئونك  . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله : ( ودوا لو تدهن فيدهنون   ) يقول : ودوا يا محمد  لو أدهنت عن هذا الأمر ، فأدهنوا معك  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا ابن ثور ،  عن معمر ،  عن قتادة ،  في قوله : ( ودوا لو تدهن فيدهنون   ) قال : ودوا لو يدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدهنون  . 
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك : ود هؤلاء المشركون يا محمد  لو تلين لهم في دينك بإجابتك إياهم إلى الركون إلى آلهتهم ، فيلينون لك في عبادتك إلهك ، كما قال جل ثناؤه : ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات   ) وإنما هو مأخوذ من الدهن ، شبه التليين في القول بتليين الدهن . 
وقوله : ( ولا تطع كل حلاف مهين   ) ولا تطع يا محمد  كل ذي إكثار للحلف بالباطل; ( مهين   ) : وهو الضعيف . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
غير أن بعضهم وجه معنى المهين إلى الكذاب ، وأحسبه فعل ذلك لأنه رأى أنه إذا وصف بالمهانة فإنما وصف بها لمهانة نفسه كانت عليه ، وكذلك صفة الكذوب ، إنما يكذب لمهانة نفسه عليه . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس   : ( ولا تطع كل حلاف مهين   ) والمهين : الكذاب  . 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى;  وحدثني الحارث ،  قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  قوله : ( حلاف مهين   ) قال : ضعيف  . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله : ( ولا تطع كل حلاف مهين    ) وهو المكثار في الشر  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا ابن ثور ،  عن معمر ،  عن الحسن ،  في قوله : ( كل حلاف مهين   ) يقول : كل مكثار في الحلف ، مهين : ضعيف  . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا مهران ،  عن سفيان ،  عن سعيد ،  عن الحسن  وقتادة   : ( ولا تطع كل حلاف مهين   ) قال : هو المكثار في الشر  . 
وقوله : ( هماز   ) يعني : مغتاب للناس يأكل لحومهم . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثنى أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ،  قوله : ( هماز   ) يعني الاغتياب  . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   : ( هماز   ) يأكل لحوم المسلمين  . 
حدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : قال ابن زيد ،  في قوله : ( هماز   ) قال : الهماز : الذي يهمز الناس بيده ويضربهم ، وليس باللسان ، وقرأ ( ويل لكل همزة لمزة   ) الذي يلمز الناس بلسانه ، والهمز أصله الغمز ، فقيل للمغتاب : هماز ، لأنه يطعن في أعراض الناس بما يكرهون ، وذلك غمز عليهم . 
وقوله : ( مشاء بنميم   )  يقول : مشاء بحديث الناس بعضهم في بعض ، ينقل حديث بعضهم إلى بعض . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   : ( هماز   ) يأكل لحوم المسلمين ( مشاء بنميم   ) : ينقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض  .  [ ص: 535 ] 
حدثني محمد بن سعد ،  قال ثني أبي ، قال ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس   ( مشاء بنميم   ) : يمشي بالكذب  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا ابن ثور ،  عن معمر  عن الكلبي ،  في قوله : ( مشاء بنميم   ) قال : هو الأخنس بن شريق ،  وأصله من ثقيف ،  وعداده في بني زهرة   . 
				
						
						
