[ ص: 287 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب    ) 
قال أبو جعفر   : يعني تعالى ذكره بقوله : " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب   " ، إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوهم . 
ثم اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله تعالى ذكره بقوله : " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا   " ، فقال بعضهم بما : - 
2413 - حدثنا به بشر بن معاذ  قال : حدثنا  يزيد بن زريع  قال : حدثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : "إذ تبرأ الذين اتبعوا " ، وهم الجبابرة والقادة والرءوس في الشرك ، "من الذين اتبعوا " ، وهم الأتباع الضعفاء ، "ورأوا العذاب " . 
2414 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع   : " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا   " قال : تبرأت القادة من الأتباع يوم القيامة . 
2415 - حدثني القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  قال :  ابن جريج   : قلت لعطاء   : "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا " قال : تبرأ رؤساؤهم وقادتهم وساداتهم من الذين اتبعوهم  . 
وقال آخرون بما : - 
2416 - حدثني به موسى بن هارون  قال : حدثنا عمرو بن حماد  قال : حدثنا  [ ص: 288 ] أسباط  ، عن  السدي  إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا  ، أما "الذين اتبعوا " ، فهم الشياطين تبرأوا من الإنس  . 
قال أبو جعفر   : والصواب من القول عندي في ذلك أن الله تعالى ذكره أخبر أن المتبعين على الشرك بالله يتبرأون من أتباعهم حين يعاينون عذاب الله . ولم يخصص بذلك منهم بعضا دون بعض ، بل عم جميعهم . فداخل في ذلك كل متبوع على الكفر بالله والضلال أنه يتبرأ من أتباعه الذين كانوا يتبعونه على الضلال  في الدنيا ، إذا عاينوا عذاب الله في الآخرة . 
وأما دلالة الآية في من عنى بقوله : " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا   " ، فإنها إنما تدل على أن الأنداد الذين اتخذهم من دون الله من وصف تعالى ذكره صفته بقوله : "ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا " ، هم الذين يتبرأون من أتباعهم . 
وإذ كانت الآية على ذلك دالة ، صح التأويل الذي تأوله  السدي  في قوله : " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا   " ، أن "الأنداد " في هذا الموضع ، إنما أريد بها الأنداد من الرجال الذين يطيعونهم فيما أمروهم به من أمر ، ويعصون الله في طاعتهم إياهم ، كما يطيع الله المؤمنون ويعصون غيره وفسد تأويل قول من قال : " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا   " ، إنهم الشياطين تبرأوا من أوليائهم من الإنس . لأن هذه الآية إنما هي في سياق الخبر عن متخذي الأنداد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					