[ ص: 581 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وانشقت السماء فهي يومئذ واهية    ( 16 ) والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية   ( 17 ) يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية   ( 18 ) ) 
يقول تعالى ذكره : وانصدعت السماء ( فهي يومئذ واهية   ) يقول : منشقة متصدعة . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ،  قال : ثنا أبو أسامة ،  عن الأجلح ،  قال : سمعت الضحاك بن مزاحم ،  قال : "إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا بأهلها ، ونزل من فيها من الملائكة ، فأحاطوا بالأرض ومن عليها ، ثم الثانية ، ثم الثالثة ، ثم الرابعة ، ثم الخامسة ، ثم السادسة ، ثم السابعة ، فصفوا صفا دون صف ، ثم نزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم ، فإذا رآها أهل الأرض ندوا ، فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة ، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه ، فذلك قول الله : ( إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم   ) ، وذلك قوله : ( وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم   ) ، وقوله : ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان   ) ، وذلك قوله : ( وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها   )  . 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثنى أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ،  [ ص: 582 ] عن أبيه ، عن ابن عباس ،  قوله : ( وانشقت السماء فهي يومئذ واهية   ) يعني متمزقة ضعيفة  . 
( والملك على أرجائها   ) يقول تعالى ذكره : والملك على أطراف السماء حين تشقق وحافاتها . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ،  قوله : ( والملك على أرجائها   ) يقول : والملك على حافات السماء حين تشقق; ويقال : على شقة كل شيء تشقق عنه  . 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى;  وحدثني الحارث ،  قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  قوله : ( والملك على أرجائها   ) قال : أطرافها  . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا يعقوب ،  عن جعفر ،  عن سعيد ،  في قوله : ( والملك على أرجائها   ) قال : على حافات السماء  . 
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ،  قال : ثنا أبو أسامة ،  عن الأجلح ،  قال : قلت للضحاك   : ما أرجاؤها ، قال : حافاتها . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثني سعيد   : عن قتادة   ( والملك على أرجائها   ) : على حافاتها  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا ابن ثور ،  عن معمر   ( والملك على أرجائها   ) قال : بلغني أنها أقطارها ، قال قتادة   : على نواحيها . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا مهران ،  عن سفيان   ( والملك على أرجائها   ) قال : نواحيها  . 
حدثني الحارث ،  قال : ثنا الأشيب ،  قال : ثنا ورقاء ،  عن عطاء بن السائب ،  عن  سعيد بن المسيب   : الأرجاء : حافات السماء . 
قال : ثنا الأشيب ،  قال : ثنا أبو عوانة ،  عن عطاء بن السائب ،  عن سعيد بن جبير   ( والملك على أرجائها   ) قال : على ما لم يه منها  . 
حدثنا محمد بن سنان القزاز ،  قال : ثنا حسين الأشقر ،  قال : ثنا أبو كدينة ،  عن عطاء ،  عن سعيد بن جبير ،  عن ابن عباس ،  في قوله : ( والملك على أرجائها   ) قال : على ما لم يه منها  . 
وقوله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية   ) ، اختلف أهل التأويل في الذي عني بقوله : ( ثمانية   ) ، فقال بعضهم : عني به ثمانية صفوف من الملائكة ، لا يعلم عدتهن إلا الله . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا طلق ، عن ظهير ،  عن  السدي ،  عن أبي مالك  عن  [ ص: 583 ] ابن عباس   : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية   ) قال : ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله  . 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ،  في قوله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية   ) قال : هي الصفوف من وراء الصفوف  . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا  يحيى بن واضح ،  قال : ثنا الحسين ،  عن يزيد ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس ،  في قوله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية   ) قال : ثمانية صفوف من الملائكة  . 
حدثت عن الحسين ،  قال : سمعت أبا معاذ  يقول : ثنا عبيد ،  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية   ) قال بعضهم : ثمانية صفوف لا يعلم عدتهن إلا الله . وقال بعضهم : ثمانية أملاك على خلق الوعلة  . 
وقال آخرون : بل عني به ثمانية أملاك . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : قال ابن زيد في قوله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية   ) قال : ثمانية أملاك ، وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحمله اليوم أربعة ، ويوم القيامة ثمانية  " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أقدامهم لفي الأرض السابعة ، وإن مناكبهم لخارجة من السماوات عليها العرش  " . قال ابن زيد   : الأربعة ، قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لما خلقهم الله قال : تدرون لم خلقتكم ؟ قالوا : خلقتنا ربنا لما تشاء ، قال لهم : تحملون عرشي ، ثم قال : سلوني من القوة ما شئتم أجعلها فيكم ، فقال واحد منهم : قد كان عرش ربنا على الماء ، فاجعل في قوة الماء ، قال : قد جعلت فيك قوة الماء; وقال آخر : اجعل في قوة السماوات ، قال : قد جعلت فيك قوة السماوات; وقال آخر : اجعل في قوة الأرض ، قال : قد جعلت فيك قوة الأرض والجبال; وقال آخر : اجعل في قوة الرياح ، قال : قد جعلت فيك قوة الرياح; ثم قال : احملوا ، فوضعوا العرش على كواهلهم ، فلم يزولوا; قال : فجاء علم آخر ، وإنما كان علمهم الذي سألوه القوة ، فقال لهم : قولوا : لا حول ولا قوة إلا بالله ،  [ ص: 584 ] فقالوا : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فجعل الله فيهم من الحول والقوة ما لم يبلغه علمهم ، فحملوا  " . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا سلمة ،  عن ابن إسحاق ،  قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  "هم اليوم أربعة" يعني حملة العرش "وإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة آخرين فكانوا ثمانية ، وقد قال الله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية   ) " . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا جرير ،  عن عطاء ،  عن ميسرة ،  قوله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية   ) قال : أرجلهم في التخوم لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النور  . 
وقوله : ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية   ) يقول تعالى ذكره : يومئذ أيها الناس تعرضون على ربكم ، وقيل : تعرضون ثلاث عرضات . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي ،  قال : ثنا  وكيع بن الجراح ،  قال : ثنا علي بن علي الرفاعي ،  عن الحسن ،  عن  أبي موسى الأشعري ،  قال : "تعرض الناس ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير . وأما الثالثة ، فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي ، فآخذ بيمينه ، وآخذ بشماله" . 
حدثنا مجاهد بن موسى ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا  سليمان بن حيان ،  عن مروان الأصغر ،  عن أبي وائل ،  عن عبد الله ،  قال : " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات : عرضتان معاذير وخصومات ، والعرضة الثالثة تطير الصحف في الأيدي  " . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله : ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية   ) ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " يعرض الناس ثلاث عرضات يوم القيامة ، فأما عرضتان ففيهما خصومات ومعاذير وجدال ، وأما العرضة الثالثة فتطير الصحف في الأيدي  " . 
حدثنا ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا ابن ثور ،  عن معمر ،  عن قتادة ،  بنحوه . 
وقوله : ( لا تخفى منكم خافية   ) يقول جل ثناؤه : لا تخفى على الله منكم خافية ، لأنه عالم بجميعكم ، محيط بكلكم . 
				
						
						
