[ ص: 303 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون    ( 169 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني تعالى ذكره بقوله : " إنما يأمركم " ، الشيطان " بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون   " . 
" والسوء " : الإثم ، مثل " الضر " ، من قول القائل : " ساءك هذا الأمر يسوءك سوءا " وهو ما يسوء الفاعل . 
وأما " الفحشاء " ، فهي مصدر مثل " السراء والضراء " ، وهي كل ما استفحش ذكره ، وقبح مسموعه . 
وقيل : إن " السوء " الذي ذكره الله هو معاصي الله . فإن كان ذلك كذلك ، فإنما سماها الله " سوءا " لأنها تسوء صاحبها بسوء عاقبتها له عند الله . وقيل : إن "الفحشاء" ، الزنا : فإن كان ذلك كذلك ، فإنما يسمى [ كذلك ] ، لقبح مسموعه ومكروه ما يذكر به فاعله . 
ذكر من قال ذلك : 
2445 - حدثني موسى بن هارون  قال : حدثنا عمرو  قال : حدثنا أسباط  عن  السدي   : " إنما يأمركم بالسوء والفحشاء " ، أما " السوء " ، فالمعصية ، وأما " الفحشاء " ، فالزنا  . 
وأما قوله : " وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " ، فهو ما كانوا يحرمون من البحائر والسوائب والوصائل والحوامي ، ويزعمون أن الله حرم ذلك . فقال تعالى  [ ص: 304 ] ذكره لهم : ( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون   ) [ سورة المائدة : 103 ] فأخبرهم تعالى ذكره في هذه الآية ، أن قيلهم : " إن الله حرم هذا " من الكذب الذي يأمرهم به الشيطان ، وأنه قد أحله لهم وطيبه ، ولم يحرم أكله عليهم ، ولكنهم يقولون على الله ما لا يعلمون حقيقته ، طاعة منهم للشيطان ، واتباعا منهم خطواته ، واقتفاء منهم آثار أسلافهم الضلال وآبائهم الجهال ، الذين كانوا بالله وبما أنزل على رسوله جهالا وعن الحق ومنهاجه ضلالا - وإسرافا منهم ، كما أنزل الله في كتابه على رسوله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى ذكره : " وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا " . 
				
						
						
