يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم أنهم يقولون لمن أطعموه من أهل الفاقة والحاجة : ما نطعمكم طعاما نطلب منكم عوضا على إطعامناكم جزاء ولا شكورا ، ولكنا نطعمكم رجاء منا أن يؤمننا ربنا من عقوبته في يوم شديد هوله ، عظيم أمره ، تعبس فيه الوجوه من شدة مكارهه ، ويطول بلاء أهله ، ويشتد . والقمطرير : هو الشديد ، يقال : هو يوم قمطرير ، أو يوم قماطر ، ويوم عصيب . وعصبصب ، وقد اقمطر اليوم يقمطر اقمطرارا ، وذلك أشد الأيام وأطوله في البلاء والشدة; ومنه قول بعضهم :
بني عمنا هل تذكرون بلاءنا عليكم إذا ما كان يوم قماطير
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في العبارة عن معناه ، فقال بعضهم : هو أن يعبس أحدهم ، فيقبض بين عينيه حتى يسيل من بين عينيه مثل القطران .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مصعب بن سلام التميمي ، عن سعيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله : ( عبوسا قمطريرا ) قال : يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران .
حدثني علي بن سهل ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( يوما عبوسا قمطريرا ) قال : القمطرير : المقبض بين عينيه . [ ص: 100 ]
حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : ثنا محمد بن الصلت ، قال : ثنا أبو كدينة ، عن قابوس ، عن أبيه ، قال : سألت ابن عباس ، عن قوله : ( قمطريرا ) قال : يقبض ما بين العينين .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( يوما عبوسا قمطريرا ) قال : يقبض ما بين العينين .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ) قال : يوم يقبض فيه الرجل ما بين عينيه ووجهه .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ) عبست فيه الوجوه ، وقبضت ما بين أعينها كراهية ذلك اليوم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( قمطريرا ) قال : تقبض فيه الجباه ، وقوم يقولون : القمطرير : الشديد .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عن وكيع ، سفيان ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : المقبض ما بين العينين .
قال : وثنا عن وكيع ، عمر بن ذر ، عن مجاهد ، قال : هو المقبض ما بين عينيه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن أبي عمرو ، عن عكرمة ، قال : القمطرير : ما يخرج من جباههم مثل القطران ، فيسيل على وجوههم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( قمطريرا ) قال : يقبض الوجه بالبسور .
وقال آخرون : العبوس : الضيق ، والقمطرير : الطويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( عبوسا ) يقول : ضيقا . وقوله : ( قمطريرا ) يقول : طويلا .
وقال آخرون : القمطرير : الشديد . [ ص: 101 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في : ( إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ) قال : العبوس : الشر ، والقمطرير : الشديد .
وقوله : ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا )
يقول جل ثناؤه : فدفع الله عنهم ما كانوا في الدنيا يحذرون من شر اليوم العبوس القمطرير بما كانوا في الدنيا يعملون مما يرضي عنهم ربهم ، لقاهم نضرة في وجوههم ، وسرورا في قلوبهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ،
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : ثنا عن ابن علية ، أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : ( ولقاهم نضرة وسرورا ) قال : نضرة في الوجوه ، وسرورا في القلوب .
حدثني بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( ولقاهم نضرة وسرورا ) نضرة في وجوههم ، وسرورا في قلوبهم .
حدثني يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ولقاهم نضرة وسرورا ) قال : نعمة وسرورا .