[ ص: 536 ]  [ ص: 537 ]  [ ص: 538 ]  [ ص: 539 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة    ( 1 ) رسول من الله يتلو صحفا مطهرة   ( 2 ) فيها كتب قيمة   ( 3 ) وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة   ( 4 ) ) . 
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة   ) فقال بعضهم : معنى ذلك : لم يكن هؤلاء الكفار من أهل التوراة والإنجيل ، والمشركون من عبدة الأوثان ( منفكين   ) يقول : منتهين حتى يأتيهم هذا القرآن . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  ، قال : ثنا أبو عاصم  ، قال : ثنا عيسى   ; وحدثني الحارث  ، قال : ثنا الحسن  ، قال : ثنا ورقاء  ، جميعا عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قول الله : ( منفكين   ) قال : لم يكونوا لينتهوا حتى يتبين لهم الحق  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  ، قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة  ، في قوله ( منفكين   ) قال : منتهين عما هم فيه  . 
حدثنا بشر  ، قال : ثنا يزيد  ، قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  ، قوله ( منفكين حتى تأتيهم البينة   ) أي : هذا القرآن  . 
حدثني يونس  ، قال : أخبرنا ابن وهب  ، قال : قال ابن زيد  في قول الله :  [ ص: 540 ]  ( والمشركين منفكين   ) قال : لم يكونوا منتهين حتى يأتيهم ; ذلك المنفك  . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك أن أهل الكتاب  وهم المشركون ، لم يكونوا تاركين صفة محمد  في كتابهم ، حتى بعث ، فلما بعث تفرقوا فيه . 
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال : معنى ذلك : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب  والمشركين مفترقين في أمر محمد  ، حتى تأتيهم البينة ، وهي إرسال الله إياه رسولا إلى خلقه ، رسول من الله . وقوله : ( منفكين   ) في هذا الموضع عندي من انفكاك الشيئين أحدهما من الآخر ، ولذلك صلح بغير خبر ، ولو كان بمعنى ما زال ، احتاج إلى خبر يكون تماما له ، واستؤنف قوله ( رسول من الله   ) هي نكرة على البينة ، وهي معرفة ، كما قيل : ( ذو العرش المجيد فعال   ) فقال : حتى يأتيهم بيان أمر محمد  أنه رسول الله ، ببعثة الله إياه إليهم ، ثم ترجم عن البينة ، فقال : تلك البينة 
( رسول من الله يتلو صحفا مطهرة   ) يقول : يقرأ صحفا مطهرة من الباطل 
( فيها كتب قيمة   ) يقول : في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة ، ليس فيها خطأ ؛ لأنها من عند الله . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك . 
حدثنا بشر  ، قال : ثنا يزيد  ، قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة   ( رسول من الله يتلو صحفا مطهرة   ) يذكر القرآن بأحسن الذكر ، ويثني عليه بأحسن الثناء  . 
وقوله : ( وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة   ) يقول : وما تفرق اليهود  والنصارى  في أمر محمد  صلى الله عليه وسلم ، فكذبوا به ، إلا من بعد ما جاءتهم البينة  ، يعني : من بعد ما جاءت هؤلاء اليهود  والنصارى  البينة ، يعني : أن بيان أمر محمد  أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه ، يقول : فلما بعثه الله تفرقوا فيه ، فكذب به بعضهم ، وآمن بعضهم ، وقد كانوا قبل أن يبعث غير مفترقين فيه أنه نبي . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					