[ ص: 489 ] القول في تأويل قوله تعالى ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن    ) 
قال أبو جعفر   : يعني تعالى ذكره بذلك : نساؤكم لباس لكم وأنتم لباس لهن . 
فإن قال قائل : وكيف يكون نساؤنا لباسا لنا ، ونحن لهن لباسا و" اللباس " إنما هو ما لبس؟ 
قيل : لذلك وجهان من المعاني : 
أحدهما : أن يكون كل واحد منهما جعل لصاحبه لباسا ، لتجردهما عند النوم ، واجتماعهما في ثوب واحد ، وانضمام جسد كل واحد منهما لصاحبه  [ ص: 490 ] بمنزلة ما يلبسه على جسده من ثيابه ، فقيل لكل واحد منهما : هو " لباس " لصاحبه ، كما قال  نابغة بني جعدة   : 
إذا ما الضجيع ثنى عطفها تداعت ، فكانت عليه لباسا 
ويروى : " تثنت " فكنى عن اجتماعهما متجردين في فراش واحد ب " اللباس " ، كما يكنى ب " الثياب " عن جسد الإنسان ، كما قالت ليلى  وهي تصف إبلا ركبها قوم : 
    رموها بأثواب خفاف ، فلا ترى 
لها شبها إلا النعام المنفرا 
يعني : رموها بأنفسهم فركبوها . وكما قال الهذلي      تبرأ من دم القتيل ووتره 
وقد علقت دم القتيل إزارها  [ ص: 491 ] 
يعني ب "إزارها" ، نفسها . وبذلك كان الربيع  يقول : 
2929 - حدثني المثني  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعيد  قال : حدثنا أبو جعفر  عن الربيع   : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن   " ، يقول : هن لحاف لكم وأنتم لحاف لهن  . . 
والوجه الآخر : أن يكون جعل كل واحد منهما لصاحبه " لباسا " ، لأنه سكن له ، كما قال جل ثناؤه : ( جعل لكم الليل لباسا   ) [ سورة الفرقان : 47 ] ، يعني بذلك سكنا تسكنون فيه . وكذلك زوجة الرجل سكنه يسكن إليها ، كما قال تعالى ذكره : ( وجعل منها زوجها ليسكن إليها   ) [ سورة الأعراف : 189 ]  [ ص: 492 ] فيكون كل واحد منهما " لباسا " لصاحبه ، بمعنى سكونه إليه . وبذلك كان مجاهد  وغيره يقولون في ذلك . 
وقد يقال لما ستر الشيء وواراه عن أبصار الناظرين إليه : " هو لباسه ، وغشاؤه " ، فجائز أن يكون قيل : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن   " ، بمعنى : أن كل واحد منكم ستر لصاحبه - فيما يكون بينكم من الجماع - عن أبصار سائر الناس . 
وكان مجاهد  وغيره يقولون في ذلك بما : - 
2930 - حدثنا به المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد   : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن   " ، يقول : سكن لهن  . 
2931 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  عن قتادة   : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن   " ، قال قتادة   : هن سكن لكم ، وأنتم سكن لهن  . 
2932 - حدثني موسى بن هارون  قال : حدثنا عمرو بن حماد  قال : حدثنا أسباط  عن  السدي   : " هن لباس لكم   " يقول : سكن لكم " وأنتم لباس لهن   " ، يقول : سكن لهن  . 
2933 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال عبد الرحمن بن زيد  في قوله : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن   " ، قال : المواقعة  . 
2934 - حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي  قال : حدثنا أبو أحمد  قال : حدثنا إبراهيم  عن يزيد  عن  عمرو بن دينار  عن ابن عباس  قوله : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن   " قال : هن سكن لكم وأنتم سكن لهن  . 
				
						
						
