القول في تأويل قوله تعالى ( كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة    ( 219 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني بقوله عز ذكره : " كذلك يبين الله لكم الآيات   " ، هكذا يبين أي : ما بينت لكم أعلامي وحججي - وهي " آياته " - في هذه السورة ، وعرفتكم فيها ما فيه خلاصكم من عقابي ، وبينت لكم حدودي وفرائضي ، ونبهتكم فيها على الأدلة على وحدانيتي ، ثم على حجج رسولي إليكم ، فأرشدتكم إلى ظهور  [ ص: 348 ] الهدى ، فكذلك أبين لكم في سائر كتابي الذي أنزلته على نبيي محمد  صلى الله عليه وسلم آياتي وحججي وأوضحها لكم ، لتتفكروا في وعدي ووعيدي ، وثوابي وعقابي ، فتختاروا طاعتي التي تنالون بها ثوابي في الدار الآخرة ، والفوز بنعيم الأبد ، على القليل من اللذات واليسير من الشهوات ، بركوب معصيتي في الدنيا الفانية ، التي من ركبها كان معاده إلي ، ومصيره إلى ما لا قبل له به من عقابي وعذابي . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
4178 - حدثنا علي بن داود  قال : حدثنا أبو صالح  قال : حدثني معاوية بن صالح  عن علي  عن ابن عباس   : " كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون  في الدنيا والآخرة   " ، قال : يعني في زوال الدنيا وفنائها ، وإقبال الآخرة وبقائها  . 
4179 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا معمر  عن قتادة  في قوله : " لعلكم تتفكرون  في الدنيا والآخرة   " ، قال يقول : لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة ، فتعرفون فضل الآخرة على الدنيا  . 
4180 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  عن  ابن جريج  قال : قوله : " كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون  في الدنيا والآخرة   " ، قال : أما الدنيا ، فتعلمون أنها دار بلاء ثم فناء ، والآخرة دار جزاء ثم بقاء ، فتتفكرون فتعملون للباقية منهما قال : وسمعت أبا عاصم  يذكر نحو هذا أيضا . 
4181 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  عن قتادة   [ ص: 349 ] قوله : " كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون  في الدنيا والآخرة   " وأنه من تفكر فيهما عرف فضل إحداهما على الأخرى ، وعرف أن الدنيا دار بلاء ثم دار فناء ، وأن الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء ، فكونوا ممن يصرم حاجة الدنيا لحاجة الآخرة  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					