القول في تأويل إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ( 243 ) ) قوله (
قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : إن الله لذو فضل ومن . على خلقه ، بتبصيره إياهم سبيل الهدى ، وتحذيره لهم طرق الردى ، وغير ذلك من نعمه التي [ ص: 279 ] ينعمها عليهم في دنياهم ودينهم ، وأنفسهم وأموالهم - كما أحيا الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت بعد إماتته إياهم ، وجعلهم لخلقه مثلا وعظة يتعظون بهم ، عبرة يعتبرون بهم ، وليعلموا أن الأمور كلها بيده ، فيستسلموا لقضائه ، ويصرفوا الرغبة كلها والرهبة إليه .
ثم أخبر - تعالى ذكره - أن أكثر من ينعم عليه من عباده بنعمه الجليلة ، ويمن عليه بمننه الجسيمة ، يكفر به ويصرف الرغبة والرهبة إلى غيره ، ويتخذ إلها من دونه ، كفرانا منه لنعمه التي توجب أصغرها عليه من الشكر ما يفدحه ، ومن الحمد ما يثقله ، فقال - تعالى ذكره - : " ولكن أكثر الناس لا يشكرون " يقول : لا يشكرون نعمتي التي أنعمتها عليهم ، وفضلي الذي تفضلت به عليهم ، بعبادتهم غيري ، وصرفهم رغبتهم ورهبتهم إلى من دوني ممن لا يملك لهم ضرا ولا نفعا ، ولا يملك موتا ولا حياة ولا نشورا .