القول في تأويل قوله تعالى ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا    ) 
قال أبو جعفر   : ويعني بذلك - جل ثناؤه - : قولوا : " ربنا ولا تحمل علينا إصرا " يعني ب " الإصر " العهد ، كما قال - جل ثناؤه - : ( قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري   ) [ سورة آل عمران : 81 ] . وإنما عنى بقوله : " ولا تحمل علينا إصرا   ) ولا تحمل علينا عهدا فنعجز عن القيام به ولا نستطيعه " كما حملته على الذين من قبلنا   " يعني : على اليهود  والنصارى  الذين كلفوا أعمالا وأخذت عهودهم ومواثيقهم على القيام بها ، فلم يقوموا بها فعوجلوا بالعقوبة . فعلم الله - عز وجل - أمة محمد   - صلى الله عليه وسلم - - الرغبة إليه بمسألته أن لا يحملهم من عهوده ومواثيقه على أعمال - إن ضيعوها [ ص: 136 ] أو أخطئوا فيها أو نسوها - مثل الذي حمل من قبلهم ، فيحل بهم بخطئهم فيه وتضييعهم إياه مثل الذي أحل بمن قبلهم . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
6512 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال أخبرنا عبد الرزاق  قال أخبرنا معمر  عن قتادة  في قوله : " لا تحمل علينا إصرا   " قال : لا تحمل علينا عهدا وميثاقا كما حملته على الذين من قبلنا . يقول : كما غلظ على من قبلنا . 
6513 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن موسى بن قيس الحضرمي  عن مجاهد  في قوله : " ولا تحمل علينا إصرا " قال : عهدا 
6514 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم  عن عيسى  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد  في قوله : " إصرا " قال : عهدا . 
6515 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله  قال : حدثنا معاوية  عن علي  عن ابن عباس  في قوله : " إصرا " يقول : عهدا . 
6516 - حدثني موسى  قال : حدثنا عمرو  قال : حدثنا أسباط  عن  السدي   : " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا   " والإصر : العهد الذي كان على من قبلنا من اليهود   . 
6517 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال حدثني حجاج  عن  ابن جريج  قوله : " ولا تحمل علينا إصرا   " قال : عهدا لا نطيقه ولا نستطيع  [ ص: 137 ] القيام به " كما حملته على الذين من قبلنا   " اليهود  والنصارى  فلم يقوموا به فأهلكتهم  . 
6518 - حدثني يحيى بن أبي طالب  قال أخبرنا يزيد  قال أخبرنا جويبر  عن الضحاك   : " إصرا " قال : المواثيق . 
6519 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر  عن أبيه ، عن الربيع   : " الإصر " العهد . ( وأخذتم على ذلكم إصري   ) [ سورة آل عمران 81 ] ، قال : عهدي . 
6520 - حدثني محمد بن سعد  قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس   : ( وأخذتم على ذلكم إصري   ) ، قال : عهدي . 
وقال آخرون : " معنى ذلك : ولا تحمل علينا ذنوبا وإثما كما حملت ذلك على من قبلنا من الأمم فتمسخنا قردة وخنازير كما مسختهم " . 
ذكر من قال ذلك : 
6521 - حدثني سعيد بن عمرو السكوني  قال : حدثنا بقية بن الوليد  عن علي بن هارون  عن  ابن جريج  عن عطاء بن أبي رباح  في قوله : " ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا   " قال : لا تمسخنا قردة وخنازير . 
6522 - حدثني يونس  قال أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا   " لا تحمل علينا ذنبا ليس فيه توبة ولا كفارة . 
وقال آخرون : " معنى " الإصر " بكسر الألف : الثقل " .  [ ص: 138 ] 
ذكر من قال ذلك : 
6523 - حدثت عن عمار  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  عن أبيه ، عن الربيع  قوله : " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا   " يقول : التشديد الذي شددته على من قبلنا من أهل الكتاب . 
6524 - حدثني يونس  قال أخبرنا ابن وهب  قال سألته - يعني  مالكا   - عن قوله : " ولا تحمل علينا إصرا   " قال : الإصر ، الأمر الغليظ . 
قال أبو جعفر   : فأما " الأصر " بفتح الألف : فهو ما عطف الرجل على غيره من رحم أو قرابة ، يقال : " أصرتني رحم بيني وبين فلان عليه " بمعنى : عطفتني عليه . " وما يأصرني عليه " أي : ما يعطفني عليه . " وبيني وبينه آصرة رحم تأصرني عليه أصرا " يعني به : عاطفة رحم تعطفني عليه . 
				
						
						
