[ ص: 322 ] القول في تأويل قوله ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم    ( 31 ) ) 
قال أبو جعفر   : اختلف أهل التأويل في السبب الذي أنزلت هذه الآية فيه . فقال بعضهم : أنزلت في قوم قالوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنا نحب ربنا " فأمر الله جل وعز نبيه محمدا   - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهم : " إن كنتم صادقين فيما تقولون ، فاتبعوني ، فإن ذلك علامة صدقكم فيما قلتم من ذلك . 
ذكر من قال ذلك : 
6845 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ،  عن بكر بن الأسود  قال : سمعت الحسن  يقول : قال قوم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا محمد ،  إنا نحب ربنا ! فأنزل الله - عز وجل - : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم   " فجعل اتباع نبيه محمد   - صلى الله عليه وسلم - علما لحبه ، وعذاب من خالفه . 
6846 - حدثني المثنى  قال : حدثنا علي بن الهيثم  قال : حدثنا عبد الوهاب ،  عن أبي عبيدة  قال : سمعت الحسن  يقول : قال أقوام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا محمد ،  إنا لنحب ربنا ! فأنزل الله جل وعز بذلك قرآنا : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم   " فجعل الله اتباع نبيه محمد   - صلى الله عليه وسلم - علما لحبه ، وعذاب من خالفه .  [ ص: 323 ] 
6847 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج ،  عن  ابن جريج  قوله : " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله  ، قال : كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله ، يقولون : إنا نحب ربنا ! فأمرهم الله أن يتبعوا محمدا   - صلى الله عليه وسلم - ، وجعل اتباع محمد  علما لحبه . 
6848 - حدثني محمد بن سنان  قال : حدثنا أبو بكر الحنفي  قال : حدثنا  عباد بن منصور ،  عن الحسن  في قوله : " إن كنتم تحبون الله  الآية ، قال : إن أقواما كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزعمون أنهم يحبون الله ، فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقا من عمل ، فقال : " إن كنتم تحبون الله " الآية ، كان اتباع محمد   - صلى الله عليه وسلم - تصديقا لقولهم . 
وقال آخرون : بل هذا أمر من الله نبيه محمدا   - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لوفد نجران  الذين قدموا عليه من النصارى   : إن كان الذي تقولونه في عيسى  من عظيم القول ، إنما يقولونه تعظيما لله وحبا له ، فاتبعوا محمدا   - صلى الله عليه وسلم - . 
ذكر من قال ذلك : 
6849 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة ،  عن محمد بن إسحاق ،  عن محمد بن جعفر بن الزبير   : " قل إن كنتم تحبون الله " أي : إن كان هذا من قولكم - يعني : في عيسى   - حبا لله وتعظيما له ، فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم   " أي : ما مضى من كفركم " والله غفور رحيم " .  [ ص: 324 ] 
قال أبو جعفر   : وأولى القولين بتأويل الآية ، قول محمد بن جعفر بن الزبير   . لأنه لم يجر لغير وفد نجران  في هذه السورة ولا قبل هذه الآية ، ذكر قوم ادعوا أنهم يحبون الله ، ولا أنهم يعظمونه ، فيكون قوله . " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني " جوابا لقولهم ، على ما قاله الحسن   . 
وأما ما روى الحسن  في ذلك مما قد ذكرناه ، فلا خبر به عندنا يصح ، فيجوز أن يقال إن ذلك كذلك ، وإن لم يكن في السورة دلالة على أنه كما قال . إلا أن يكون الحسن  أراد بالقوم الذين ذكر أنهم قالوا ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وفد نجران  من النصارى ،  فيكون ذلك من قوله نظير اختيارنا فيه . 
فإذ لم يكن بذلك خبر على ما قلنا ، ولا في الآية دليل على ما وصفنا ، فأولى الأمور بنا أن نلحق تأويله بالذي عليه الدلالة من آي السورة ، وذلك هو ما وصفنا . لأن ما قبل هذه الآية من مبتدأ هذه السورة وما بعدها ، خبر عنهم ، واحتجاج من الله لنبيه محمد   - صلى الله عليه وسلم - ، ودليل على بطول قولهم في المسيح   . فالواجب أن تكون هي أيضا مصروفة المعنى إلى نحو ما قبلها ومعنى ما بعدها . 
قال أبو جعفر   : فإذا كان الأمر على ما وصفنا ، فتأويل الآية : قل ، يا محمد ،  للوفد من نصارى نجران   : إن كنتم كما تزعمون أنكم تحبون الله ، وأنكم تعظمون المسيح  وتقولون فيه ما تقولون ، حبا منكم ربكم فحققوا قولكم الذي تقولونه ، إن كنتم صادقين ، باتباعكم إياي ، فإنكم تعلمون أني لله رسول إليكم ، كما كان عيسى  رسولا إلى من أرسل إليه ، فإنه إن اتبعتموني وصدقتموني على  [ ص: 325 ] ما أتيتكم به من عند الله يغفر لكم ذنوبكم ، فيصفح لكم عن العقوبة عليها ، ويعفو لكم عما مضى منها ، فإنه غفور لذنوب عباده المؤمنين ، رحيم بهم وبغيرهم من خلقه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					