القول في تأويل قوله ( يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين    ( 43 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني - جل ثناؤه - بقوله - خبرا عن قيل ملائكته لمريم   : " يا مريم اقنتي لربك   " أخلصي الطاعة لربك وحده . 
وقد دللنا على معنى " القنوت " ، بشواهده فيما مضى قبل . والاختلاف بين أهل التأويل فيه في هذا الموضع ، نحو اختلافهم فيه هنالك . وسنذكر قول بعضهم أيضا في هذا الموضع . 
فقال بعضهم : معنى " اقنتي " أطيلي الركود . 
ذكر من قال ذلك : 
7038 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم ،  عن عيسى ،   [ ص: 402 ] عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   : " يا مريم اقنتي لربك   " قال : أطيلي الركود ، يعني القنوت . 
7039 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  مثله . 
7040 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج ،  عن  ابن جريج   " اقنتي لربك " قال قال مجاهد   : أطيلي الركود في الصلاة يعني القنوت . 
7041 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ،  عن ليث ،  عن مجاهد  قال : لما قيل لها : " يا مريم اقنتي لربك   " قامت حتى ورم كعباها . 
 7042 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ،  عن ليث ،  عن مجاهد  قال : لما قيل لها : " يا مريم اقنتي لربك   " قامت حتى ورمت قدماها . 
7043 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا الثوري ،  عن  ابن أبي ليلى ،  عن مجاهد   : " اقنتي لربك   " قال : أطيلي الركود . 
7044 - حدثت عن عمار  قال : حدثنا ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن الربيع   : " يا مريم اقنتي لربك   " قال : القنوت : الركود . يقول : قومي لربك في الصلاة . يقول : اركدي لربك : أي انتصبي له في الصلاة " واسجدي واركعي مع الراكعين " . 
7045 - حدثني محمد بن سنان  قال : حدثنا أبو عاصم ،  عن سفيان ،  عن ليث ،  عن مجاهد   : " يا مريم اقنتي لربك   " قال : كانت تصلي حتى ترم قدماها .  [ ص: 403 ] 
7046 - حدثني ابن البرقي  قال : حدثنا عمرو  قال : حدثنا الأوزاعي   : " يا مريم اقنتي لربك   " قال : كانت تقوم حتى يسيل القيح من قدميها . 
وقال آخرون : معناه : أخلصي لربك . 
ذكر من قال ذلك : 
7047 - حدثني المثنى  قال : حدثنا الحماني  قال : حدثنا ابن المبارك ،  عن شريك ،  عن سالم ،  عن سعيد   : " يا مريم اقنتي لربك   " قال : أخلصي لربك . 
وقال آخرون : معناه : أطيعي ربك . 
ذكر من قال ذلك : 
7048 - حدثني الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا معمر ،  عن قتادة  في قوله : " اقنتي لربك   " قال : أطيعي ربك . 
7049 - حدثني موسى  قال : حدثنا عمرو  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي   : " اقنتي لربك " أطيعي ربك . 
7050 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا محمد بن حرب  قال حدثنا ابن لهيعة ،  عن دراج ،  عن أبي الهيثم ،  عن  أبي سعيد الخدري ،  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كل حرف يذكر فيه القنوت من القرآن ، فهو طاعة لله  . 
7051 - حدثني محمد بن سنان  قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ،  عن  عباد بن منصور ،  عن الحسن  في قوله : " يا مريم اقنتي لربك   " قال يقول : اعبدي ربك .  [ ص: 404 ] 
قال أبو جعفر   : وقد بينا أيضا معنى " الركوع " " والسجود " بالأدلة الدالة على صحته ، وأنهما بمعنى الخشوع لله ، والخضوع له بالطاعة والعبودة . 
فتأويل الآية ، إذا : يا مريم  أخلصي عبادة ربك لوجهه خالصا ، واخشعي لطاعته وعبادته مع من خشع له من خلقه ، شكرا له على ما أكرمك به من الاصطفاء والتطهير من الأدناس ، والتفضيل على نساء عالم دهرك . 
				
						
						
