القول في تأويل قوله ( يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون    ( 65 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني تعالى ذكره بقوله : " يا أهل الكتاب " يا أهل التوراة والإنجيل " لم تحاجون " لم تجادلون " في إبراهيم " وتخاصمون فيه ، يعني : في إبراهيم خليل الرحمن  صلوات الله عليه . 
وكان حجاجهم فيه : ادعاء كل فريق من أهل هذين الكتابين أنه كان  [ ص: 490 ] منهم ، وأنه كان يدين دين أهل نحلته . فعابهم الله - عز وجل - بادعائهم ذلك ، ودل على مناقضتهم ودعواهم ، فقال : وكيف تدعون أنه كان على ملتكم ودينكم ، ودينكم إما يهودية أو نصرانية ، واليهودي منكم يزعم أن دينه إقامة التوراة والعمل بما فيها ، والنصراني منكم يزعم أن دينه إقامة الإنجيل وما فيه ، وهذان كتابان لم ينزلا إلا بعد حين من مهلك إبراهيم  ووفاته ؟ فكيف يكون منكم ؟ فما وجه اختصامكم فيه ، وادعاؤكم أنه منكم ، والأمر فيه على ما قد علمتم ؟ 
وقيل : نزلت هذه الآية في اختصام اليهود  والنصارى  في إبراهيم ،  وادعاء كل فريق منهم أنه كان منهم . 
ذكر من قال ذلك : 
7202 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا  يونس بن بكير  قال : حدثني محمد بن إسحاق  وحدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة ،  عن محمد بن إسحاق  قال : حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت  قال : حدثني سعيد بن جبير ،  أو عكرمة ،  عن ابن عباس  قال : اجتمعت نصارى نجران  وأحبار يهود عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتنازعوا عنده ، فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم  إلا يهوديا ، وقالت النصارى   : ما كان إبراهيم  إلا نصرانيا ! فأنزل الله - عز وجل - فيهم  " يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون   " قالت النصارى   : كان نصرانيا ! وقالت اليهود   : كان يهوديا ! فأخبرهم الله أن التوراة والإنجيل ما أنزلا إلا من بعده ، وبعده كانت اليهودية والنصرانية .  [ ص: 491 ] 
7203 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : " يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم   " يقول : " لم تحاجون في إبراهيم   " وتزعمون أنه كان يهوديا أو نصرانيا ، " وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده   " فكانت اليهودية بعد التوراة ، وكانت النصرانية بعد الإنجيل ، " أفلا تعقلون " ؟ 
وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في دعوى اليهود  إبراهيم  أنه منهم . 
ذكر من قال ذلك : 
7204 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قال : ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - دعا يهود أهل المدينة  إلى كلمة السواء ، وهم الذين حاجوا في إبراهيم ،  وزعموا أنه مات يهوديا . فأكذبهم الله - عز وجل - ونفاهم منه فقال : " يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون   " . 
7205 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن الربيع  مثله . 
7206 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم ،  عن عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  في قول الله - عز وجل - : " يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم   " قال : اليهود  والنصارى ،  برأه الله - عز وجل - منهم ، حين ادعت كل أمة أنه منهم ، وألحق به المؤمنين ، من كان من أهل الحنيفية . 
7207 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  مثله .  [ ص: 492 ] 
وأما قوله : " أفلا تعقلون " فإنه يعني : " أفلا تعقلون " تفقهون خطأ قيلكم : إن إبراهيم  كان يهوديا أو نصرانيا ، وقد علمتم أن اليهودية والنصرانية حدثت من بعد مهلكه بحين ؟ 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					