( ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا    ( 70 ) وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا    ( 71 ) ) 
( ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها  صليا ) أي : أحق بدخول النار يقال : صلي يصلى صليا ، مثل : لقي يلقى لقيا وصلى يصلي صليا ، مثل : مضى يمضي مضيا إذا دخل النار وقاسى حرها . قوله عز وجل : ( وإن منكم إلا واردها    )  وما منكم إلا واردها وقيل : القسم فيه مضمر ، أي : والله ما منكم من أحد إلا واردها ، والورود هو موافاة المكان . 
واختلفوا في معنى الورود هاهنا ، وفيما تنصرف إليه الكناية في قوله : ( واردها    ) قال ابن عباس  رضي الله عنهما وهو قول الأكثرين; معنى الورود هاهنا هو الدخول والكناية راجعة إلى النار وقالوا : النار يدخلها البر والفاجر ثم ينجي الله المتقين فيخرجهم منها . 
والدليل على أن الورود هو الدخول : قول الله عز وجل حكاية عن فرعون    : " يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار    " ( هود : 98 ) . 
وروى ابن عيينة  عن  عمرو بن دينار  أن نافع بن الأزرق  مارى ابن عباس  رضي الله عنهما في الورود فقال ابن عباس  رضي الله عنهما : هو الدخول . وقال نافع  ليس الورود الدخول ، فتلا  عبد الله بن عباس  رضي الله عنهما قوله تعالى : " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون    " ( الأنبياء : 98 ) أدخلها هؤلاء أم لا؟ ثم قال : يا نافع  أما والله أنت وأنا سنردها وأنا أرجو أن يخرجني الله منها وما أرى الله عز وجل أن يخرجك منها بتكذيبك   . 
وقال قوم : ليس المراد من الورود الدخول . وقالوا : النار لا يدخلها مؤمن أبدا لقوله تعالى : " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها    " ( الأنبياء : 101 - 102 ) وقالوا : كل من دخلها لا يخرج منها . والمراد من قوله : ( وإن منكم إلا واردها    ) الحضور والرؤية ،   [ ص: 247 ] لا الدخول كما قال الله تعالى : " ولما ورد ماء مدين    " ( القصص : 23 ) أراد به الحضور . 
وقال عكرمة    : الآية في الكفار فإنهم يدخلونها ولا يخرجون منها . 
وروي عن ابن مسعود  رضي الله عنه أنه قال : ( وإن منكم إلا واردها    ) يعني : القيامة ، والكناية راجعة إليها . 
والأول أصح ، وعليه أهل السنة  أنهم جميعا يدخلون النار ثم يخرج الله عز وجل منها أهل الإيمان بدليل قوله تعالى : ثم ننجي الذين اتقوا  
.          
				
						
						
