[ ص: 297 ]   ( وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا     ( 113 ) فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما    ( 114 ) ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما    ( 115 ) ) 
( وكذلك ) أي : كما بينا في هذه السورة ، ( أنزلناه ) يعني أنزلنا هذا الكتاب ، ( قرآنا عربيا    ) يعني : بلسان العرب ، ( وصرفنا فيه من الوعيد    ) أي : صرفنا القول فيه بذكر الوعيد ، ( لعلهم يتقون    ) أي يجتنبون الشرك ، ( أو يحدث لهم ذكرا    ) أي يجدد لهم القرآن عبرة وعظة فيعتبروا ويتعظوا بذكر عقاب الله للأمم الخالية . ( فتعالى الله الملك الحق    ) جل الله عن إلحاد الملحدين وعما يقوله المشركون ، ( ولا تعجل بالقرآن    ) أراد النبي صلى الله عليه وسلم ، كان إذا نزل عليه جبريل  بالقرآن يبادر فيقرأ معه ، قبل أن يفرغ جبريل  مما يريد من التلاوة ، ومخافة الانفلات والنسيان ، فنهاه الله عن ذلك وقال : ( ولا تعجل بالقرآن    ) أي لا تعجل بقراءته ( من قبل أن يقضى إليك وحيه    ) أي : من قبل أن يفرغ جبريل  من الإبلاغ ، نظيره قوله تعالى : " لا تحرك به لسانك لتعجل به    " ( سورة القيامة : 16 ) وقرأ يعقوب    : " نقضي " بالنون وفتحها وكسر الضاد ، وفتح الياء : " وحيه " بالنصب . 
قال مجاهد  وقتادة    : معناه لا تقرئه أصحابك ، ولا تمله عليهم حتى يتبين لك معانيه . 
( وقل رب زدني علما    ) يعني بالقرآن ومعانيه . وقيل : علما إلى ما علمت . 
وكان ابن مسعود  إذا قرأ هذه الآية قال : اللهم رب زدني علما وإيمانا ويقينا . قوله تعالى : ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل    ) يعني : أمرناه وأوحينا إليه أن لا يأكل من الشجرة من قبل هؤلاء الذين نقضوا عهدك وتركوا الإيمان بي ، وهم الذين ذكرهم الله في قوله تعالى : " لعلهم يتقون " ، ( فنسي ) فترك الأمر ، والمعنى أنهم نقضوا العهد ، فإن آدم  أيضا عهدنا إليه فنسي ، ( ولم نجد له عزما    ) قال الحسن  لم نجد له صبرا عما نهي عنه . وقال عطية العوفي    : حفظا   [ ص: 298 ] لما أمر به . 
وقال  ابن قتيبة    : رأيا معزوما حيث أطاع عدوه إبليس الذي حسده وأبى أن يسجد له . و " العزم " في اللغة : هو توطين النفس على الفعل . 
قال  أبو أمامة الباهلي    : لو وزن حلم آدم بحلم جميع ولده لرجح حلمه ، وقد قال الله : " ولم نجد له عزما " . 
فإن قيل : أتقولون إن آدم  كان ناسيا لأمر الله حين أكل من الشجرة ؟ . 
قيل : يجوز أن يكون نسي أمره ، ولم يكن النسيان في ذلك الوقت مرفوعا عن الإنسان ، بل كان مؤاخذا به ، وإنما رفع عنا . 
وقيل : نسي عقوبة الله وظن أنه نهي تنزيها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					