[ ص: 318 ]   ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون    ( 34 ) كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون    ( 35 ) وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون    ( 36 ) خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون    ( 37 ) ) 
قوله عز وجل : ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد     ) دوام البقاء في الدنيا ، ( أفإن مت فهم الخالدون    ) أي أفهم الخالدون إن مت؟ نزلت هذه الآية حين قالوا نتربص بمحمد  ريب المنون . ( كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم    ) نختبركم ( بالشر والخير    ) بالشدة والرخاء ، والصحة والسقم ، والغنى والفقر ، وقيل : بما تحبون وما تكرهون ، ( فتنة ) ابتلاء لننظر كيف شكركم فيما تحبون ، وصبركم فيما تكرهون ، ( وإلينا ترجعون    ( وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك    ) [ ما يتخذونك ] ( إلا هزوا    ) [ سخريا ] قال  السدي    : نزلت في أبي جهل  مر به النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ، وقال : هذا نبي بني عبد مناف    ( أهذا الذي    ) أي يقول بعضهم لبعض أهذا الذي ، ( يذكر آلهتكم    ) أي يعيبها ، يقال : فلان يذكر فلانا أي يعيبه ، وفلان يذكر الله أي يعظمه ويجله ، ( وهم بذكر الرحمن هم كافرون    ) وذلك أنهم كانوا يقولون لا نعرف الرحمن إلا مسيلمة  ، " وهم " الثانية صلة . قوله عز وجل : ( خلق الإنسان من عجل    ) اختلفوا فيه ، فقال قوم : معناه أن بنيته وخلقته من العجلة وعليها طبع ، كما قال : ( وكان الإنسان عجولا    ) ( الإسراء : 11 ) .   [ ص: 319 ] 
قال سعيد بن جبير   والسدي    : لما دخلت الروح في رأس آدم  وعينه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخلت جوفه اشتهى الطعام ، فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلا إلى ثمار الجنة ، فوقع فقيل : " خلق الإنسان من عجل " ، والمراد بالإنسان آدم  وأورث أولاده العجلة ، والعرب تقول للذي يكثر منه الشيء : خلقت منه ، كما تقول العرب : خلقت في لعب ، وخلقت من غضب ، يراد المبالغة في وصفه بذلك ، يدل على هذا قوله تعالى : " وكان الإنسان عجولا " . 
وقال قوم : معناه خلق الإنسان يعني آدم  من تعجيل في خلق الله إياه ، لأن خلقه كان بعد [ خلق ] كل شيء في آخر النهار يوم الجمعة  ، فأسرع في خلقه قبل مغيب الشمس . 
قال مجاهد    : فلما أحيا الروح رأسه قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس . وقيل : بسرعة وتعجيل على غير ترتيب خلق سائر الآدميين من النطفة والعلقة والمضغة وغيرها . 
وقال قوم : من عجل ، أي : من طين ، قال الشاعر : والنبع في الصخرة الصماء منبتة والنخل ينبت بين الماء والعجل 
( سأريكم آياتي فلا تستعجلون    ) [ نزل هذا في المشركين ] كانوا يستعجلون العذاب ويقولون : أمطر علينا حجارة من السماء ، وقيل : نزلت في النضر بن الحارث  فقال تعالى : ( سأريكم آياتي    ) أي : مواعيدي فلا تستعجلون ، أي فلا تطلبوا العذاب من قبل وقته ، فأراهم يوم بدر ، وقيل : كانوا يستعجلون القيامة . 
				
						
						
