( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون    ( 35 ) والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون    ( 36 ) ) 
( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم     ) من البلاء والمصائب ( والمقيمي الصلاة    ) أي : المقيمين للصلاة في أوقاتها ، ( ومما رزقناهم ينفقون    ) يتصدقون . قوله عز وجل : ( والبدن ) جمع بدنة سميت بدنة لعظمها وضخامتها ، يريد : الإبل العظام الصحاح الأجسام ، يقال بدن الرجل بدنا وبدانة إذا ضخم ، فأما إذا أسن واسترخى يقال بدن تبدينا . قال عطاء   والسدي    : البدن : الإبل والبقر أما الغنم فلا تسمى بدنة   . ( جعلناها لكم من شعائر الله    ) من أعلام دينه ، سميت شعائر لأنها تشعر ، وهو أن تطعن بحديدة في سنامها فيعلم أنها هدي ، ( لكم فيها خير    ) النفع في الدنيا والأجر في العقبى ، ( فاذكروا اسم الله عليها    ) عند نحرها ، ( صواف ) أي : قياما على ثلاث قوائم قد صفت رجليها وإحدى يديها ، ويدها اليسرى معقولة فينحرها كذلك . 
أخبرنا عبد الواحد المليحي  ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أخبرنا محمد بن يوسف  ، أخبرنا  محمد بن إسماعيل  ، أخبرنا عبد الله بن مسلمة  ، أخبرنا  يزيد بن زريع  ، عن يونس  ، عن زياد بن جبير  قال : رأيت ابن عمر  أتى على رجل قد أناخ بدنة ينحرها ، قال : ابعثها قياما مقيدة سنة محمد  صلى الله عليه وسلم . 
وقال مجاهد    : الصواف إذا عقلت رجلها اليسرى وقامت على ثلاث قوائم . 
وقرأ ابن مسعود    : " صوافن " وهي أن تعقل منها يد وتنحر على ثلاث ، وهو مثل صواف . وقرأ أبي  والحسن  ومجاهد    : " صوافي " بالياء أي : صافية خالصة لله لا شريك له فيها . 
( فإذا وجبت جنوبها    ) أي : سقطت بعد النحر فوقعت جنوبها على الأرض . وأصل الوجوب :   [ ص: 387 ] الوقوع . يقال : وجبت الشمس إذا سقطت للمغيب ، ( فكلوا منها    ) أمر إباحة ، ( وأطعموا القانع والمعتر    ) اختلفوا في معناهما : . 
فقال عكرمة  وإبراهيم  وقتادة    : " القانع " الجالس في بيته المتعفف يقنع بما يعطى ولا يسأل ، و " المعتر " الذي يسأل . 
وروى العوفي  عن ابن عباس    : " القانع " الذي لا يعترض ولا يسأل ، و " المعتر " الذي يريك نفسه ويتعرض ولا يسأل ، فعلى هذين التأويلين يكون " القانع " : من القناعة ، يقال : قنع قناعة إذا رضي بما قسم له . 
وقال سعيد بن جبير  والحسن  والكلبي    : " القانع " : الذي يسأل ، " والمعتر " : الذي يتعرض ولا يسأل ، فيكون " القانع " من قنع يقنع قنوعا إذا سأل . 
وقرأ الحسن    : " والمعتري " وهو مثل المعتر ، يقال : عره واعتره وعراه واعتراه إذا أتاه يطلب معروفه ، إما سؤالا أو تعرضا . 
وقال ابن زيد    : " القانع " : المسكين ، " والمعتر " : الذي ليس بمسكين ، ولا يكون له ذبيحة يجيء إلى القوم فيتعرض لهم لأجل لحمهم . 
( كذلك ) أي : مثل ما وصفنا من نحرها قياما ، ( سخرناها لكم    ) نعمة منا لتتمكنوا من نحرها ، ( لعلكم تشكرون    ) لكي تشكروا إنعام الله عليكم . 
				
						
						
