( أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما ) أي : ليس لهم ذلك ، ( فليرتقوا في الأسباب ) أي : إن ادعوا شيئا من ذلك فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء ، وليأتوا منها بالوحي إلى من يختارون . قال مجاهد وقتادة : أراد بالأسباب : أبواب السماء وطرقها من سماء إلى سماء ، وكل ما يوصلك إلى شيء من باب أو طريق فهو سببه ، وهذا أمر توبيخ وتعجيز .
( جند ما هنالك ) أي : هؤلاء الذين يقولون هذا القول جند هنالك ، " ما " صلة ، ) ( مهزوم ) مغلوب ، ( من الأحزاب ) أي : من جملة الأجناد ، يعني : قريشا .
قال قتادة : أخبر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة أنه سيهزم جند المشركين ، فقال : " سيهزم الجمع ويولون الدبر " ( القمر - 45 ) فجاء تأويلها يوم بدر ، و " هنالك " إشارة إلى بدر ومصارعهم ، " من الأحزاب " أي : من جملة الأحزاب ، أي : هم من القرون الماضية الذين تحزبوا وتجمعوا على الأنبياء بالتكذيب ، فقهروا وأهلكوا . ثم قال معزيا لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد ) قال ابن عباس ، : ذو البناء المحكم ، وقيل : أراد : ذو الملك الشديد الثابت . ومحمد بن كعب
وقال القتيبي : تقول العرب : هم في عز ثابت الأوتاد ، يريدون أنه دائم شديد .
وقال الأسود بن يعفر :
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة في ظل ملك ثابت الأوتاد
فأصل هذا أن بيوتهم كانت تثبت بالأوتاد .وقال الضحاك : ذو القوة والبطش . وقال عطية : ذو الجنود والجموع الكثيرة ، يعني : أنهم كانوا يقوون أمره ، ويشدون ملكه ، كما يقوي الوتد الشيء ، وسميت الأجناد أوتادا لكثرة المضارب التي كانوا يضربونها ويوتدونها في أسفارهم ، وهو رواية عطية عن ابن عباس . [ ص: 74 ]
وقال الكلبي ومقاتل : " الأوتاد " جمع الوتد ، وكانت له أوتاد يعذب الناس عليها ، وكان إذا غضب على أحد مده مستلقيا بين أربعة أوتاد ، وشد كل يد ورجل منه إلى سارية ، ويتركه كذلك في الهواء بين السماء والأرض حتى يموت .
وقال مجاهد ، : كان يمد الرجل مستلقيا على الأرض ، يشد يديه ورجليه ورأسه على الأرض بالأوتاد . ومقاتل بن حيان
وقال : كان يمد الرجل ويشده بالأوتاد ويرسل عليه العقارب والحيات . السدي
وقال قتادة : كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب عليها بين يديه . وعطاء