[ ص: 118 ]   ( ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون  ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون    ( 29 ) إنك ميت وإنهم ميتون    ( 30 ) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون    ( 31 ) ) 
) ( ضرب الله مثلا رجلا    ) قال الكسائي    : نصب " رجلا " ؛ لأنه تفسير للمثل ، ( فيه شركاء متشاكسون    ) متنازعون مختلفون سيئة أخلاقهم ، يقال : رجل شكس شرس ، إذا كان سيئ الخلق ، مخالفا للناس ، لا يرضى بالإنصاف ، ( ورجلا سلما لرجل    ) قرأ أهل مكة  والبصرة    : " سالما " بالألف أي : خالصا له لا شريك ولا منازع له فيه ، وقرأ الآخرون : " سلما " بفتح اللام من غير ألف ، وهو الذي لا ينازع فيه من قولهم : هو لك سلم ، أي : مسلم لا منازع لك فيه . ( هل يستويان مثلا    ) هذا مثل ضربه الله - عز وجل - للكافر الذي يعبد آلهة شتى ، والمؤمن الذي لا يعبد إلا الله الواحد ، وهذا استفهام إنكار أي : لا يستويان ، ثم قال : ) ( الحمد لله ) أي : لله الحمد كله دون غيره من المعبودين . ( بل أكثرهم لا يعلمون    ) ما يصيرون إليه والمراد بالأكثر الكل . 
( إنك ميت    ) أي : ستموت ، ( وإنهم ميتون    ) أي : سيموتون . قال الفراء   والكسائي    : الميت - بالتشديد - من لم يمت وسيموت ، الميت - بالتخفيف - من فارقه الروح ، ولذلك لم يخفف هاهنا . 
( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون    ) قال ابن عباس    : يعني : المحق والمبطل ، والظالم والمظلوم . 
أخبرنا أبو سعيد الشريحي  ، أخبرنا  أبو إسحاق الثعلبي  ، أخبرنا ابن فنجويه  ، حدثنا ابن مالك  ، حدثنا ابن حنبل  ، حدثني أبي ، حدثنا ابن نمير  ، حدثنا محمد - يعني - ابن عمرو  عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب  ، عن عبد الله بن الزبير  ، عن  الزبير بن العوام  قال : لما نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون    " قال الزبير    : أي رسول الله أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟ قال : " نعم ليكررن عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه " قال الزبير    : والله إن الأمر لشديد  [ ص: 119 ]   . 
وقال ابن عمر    : عشنا برهة من الدهر وكنا نرى أن هذه الآية أنزلت فينا وفي أهل الكتابين " ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون    " قلنا : كيف نختصم وديننا وكتابنا واحد ؟ حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف ، فعرفت أنها نزلت فينا   . 
وعن  أبي سعيد الخدري  في هذه الآية قال : كنا نقول : ربنا واحد وديننا واحد ونبينا واحد فما هذه الخصومة ؟ فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا : نعم هو هذا . 
وعن إبراهيم  قال : لما نزلت : " ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون    " قالوا : كيف نختصم ونحن إخوان ؟ فلما قتل عثمان  قالوا : هذه خصومتنا ؟ 
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي  ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح  ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي  ، حدثنا علي بن الجعد  ، حدثنا ابن أبي ذئب  ، عن سعيد المقبري  ، عن  أبي هريرة  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من كانت لأخيه عنده مظلمة من عرض أو مال فليتحلله اليوم قبل أن يؤخذ منه يوم لا دينار ولا درهم ، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم يكن له أخذ من سيئاته فجعلت عليه   " . 
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي  ، أخبرنا أبو الحسن الطيسفوني  ، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري  ، حدثنا أحمد بن علي الكشمهيني  ، حدثنا علي بن حجر  ، حدثنا إسماعيل بن جعفر  ، عن العلاء  ، عن أبيه ، عن  أبي هريرة  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أتدرون من المفلس " ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، قال : " إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، وكان قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيقضي هذا من حسناته وهذا من حسناته ، قال : فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار   " . 
				
						
						
