(   ( بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين     ( 29 ) ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون    ( 30 ) وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم    ( 31 ) أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون    ( 32 ) ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون    ( 33 ) ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون    ( 34 ) وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين    ( 35 ) ) 
( بل متعت هؤلاء وآباءهم    ) يعني : المشركين في الدنيا ، ولم أعاجلهم بالعقوبة على الكفر ، ( حتى جاءهم الحق    ) يعني : القرآن . وقال الضحاك    : الإسلام . ( ورسول مبين    ) يبين لهم الأحكام وهو محمد    - صلى الله عليه وسلم - وكان من حق هذا الإنعام أن يطيعوه ، فلم يفعلوا ، وعصوا . 
وهو قوله - عز وجل - : ( ولما جاءهم الحق    ) يعني : القرآن . ( قالوا هذا سحر وإنا به كافرون    ) . ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم    ) يعنون الوليد بن المغيرة  من مكة  ، وعروة بن مسعود الثقفي  بالطائف  ، قاله قتادة    . 
وقال مجاهد    : عتبة بن ربيعة  من مكة  ، وابن عبد ياليل الثقفي  من الطائف    . 
وقيل : الوليد بن المغيرة  من مكة  ، ومن الطائف    : حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي    . ويروى هذا عن ابن عباس    - رضي الله تعالى عنهما - قال الله تعالى : 
( أهم يقسمون رحمة ربك    ) يعني النبوة . قال مقاتل  يقول : بأيديهم مفاتيح الرسالة فيضعونها حيث شاءوا ؟ ثم قال : 
( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا    ) فجعلنا هذا غنيا وهذا فقيرا وهذا ملكا   [ ص: 212 ] وهذا مملوكا ، فكما فضلنا بعضهم على بعض في الرزق كما شئنا ، كذلك اصطفينا بالرسالة من شئنا . 
( ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات    ) بالغنى والمال ، ( ليتخذ بعضهم بعضا سخريا    ) ليستخدم بعضهم بعضا فيسخر الأغنياء بأموالهم الأجراء الفقراء بالعمل ، فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش ، هذا بماله ، وهذا بأعماله ، فيلتئم قوام أمر العالم . وقال قتادة  والضحاك    : يملك بعضهم بمالهم بعضا بالعبودية والملك . ( ورحمة ربك    ) [ يعني الجنة ] ( خير    ) للمؤمنين ( مما يجمعون    ) مما يجمع الكفار من الأموال . 
( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة    ) أي : لولا أن يصيروا كلهم كفارا فيجتمعون على الكفر ( لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة    ) قرأ ابن كثير ، وأبو جعفر ، وأبو عمرو : " سقفا " بفتح السين وسكون القاف على الواحد ، ومعناه الجمع كقوله تعالى : " فخر عليهم السقف من فوقهم " ( النحل 26 ) ، وقرأ الباقون بضم السين والقاف على الجمع ، وهي جمع " سقف " مثل : رهن ورهن . قال أبو عبيدة : ولا ثالث لهما . وقيل : هو جمع سقيف . وقيل : جمع سقوف جمع الجمع . ( ومعارج    ) مصاعد ودرجا من فضة ( عليها يظهرون    ) يعلون ويرتقون . يقال : ظهرت على السطح إذا علوته . 
( ولبيوتهم أبوابا    ) من فضة ( وسررا    ) أي : وجعلنا لهم سررا من فضة ( عليها يتكئون    ) . 
( وزخرفا    ) أي وجعلنا مع ذلك لهم زخرفا وهو الذهب ، نظيره : " أو يكون لك بيت من زخرف " ( الإسراء 93 ( وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا    ) قرأ حمزة  وعاصم    : " لما " بالتشديد على معنى : وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا فكان : " لما " بمعنى إلا . وخففه الآخرون على معنى : وكل ذلك متاع الحياة الدنيا فيكون : " إن " للابتداء ، " وما " صلة . يريد : إن هذا كله متاع الحياة الدنيا يزول ويذهب ( والآخرة عند ربك للمتقين    ) خاصة ، يعني الجنة . 
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي  ، أخبرنا أبو العباس عبد الله بن محمد بن هارون   [ ص: 213 ] الطيسفوني  ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الترابي  ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام  ، أخبرنا أحمد بن سيار القرشي  ، حدثنا عبد الرحمن بن يونس أبو مسلم  ، حدثنا أبو بكر بن منظور  ، عن أبي حازم  ، عن سهل بن سعد  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها قطرة ماء "   . 
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة  ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث  ، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي  ، أخبرنا عبد الله  ، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن عبد الله الخلال  ، أخبرنا  عبد الله بن المبارك  ، عن   [ مجالد ] بن سعيد  ، عن  قيس بن أبي حازم  ، عن المستورد بن شداد أخي بني فهر  قال : كنت في الركب الذين وقفوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السخلة الميتة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أترون هذه هانت على أهلها حين ألقوها " ؟ قالوا : من هوانها ألقوها ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها "   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					